بمناسبة يوم الأغذية العالمى..

"جوزيه غرازيانو دا سلفا" يكتب: الزراعة الأسرية تغذية العالم

الخميس، 16 أكتوبر 2014 04:28 م
"جوزيه غرازيانو دا سلفا" يكتب: الزراعة الأسرية تغذية العالم صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تمضى مكافحة الجوع قدماً فى مختلف أنحاء العالم، لكن نظراً إلى أن ما يناهز 805 ملايين شخص ما زالوا يفتقرون إلى ما يكفيهم من الغذاء، فإنه مازال ينتظرنا الكثير من العمل.

وقد حقق ستة وثلاثون بلداً من البلدان النامية الغاية الخاصة بالجوع من الأهداف الإنمائية للألفية والمتمثلة فى خفض عدد السكان الذين يعانون نقص التغذية المزمن إلى النصف بحلول عام 2015، لكن تجربة هذه البلدان تشير إلى أنه لا سبيل إلى استئصال شأفة الجوع إلا من خلال الالتزام السياسى، ونهج شامل، ومشاركة اجتماعية، وزراعة أسرية.

فالمزارعون الأسريون عبر العالم يضطلعون، فى خضم تحديات جسيمة، بدور اجتماعى واقتصادى وبيئى وثقافى أساسى يجب رعايته وتعزيزه من خلال الابتكار، وإقراراً بذلك أعلنت الأمم المتحدة العام 2014 السنة الدولية للزراعة الأسرية، ويمثل موضوع يوم الأغذية العالمى أيضاً احتفاءً بإسهام المزارعين الأسريين فى تحقيق الأمن الغذائى والتنمية المستدامة، فهم يعملون على "إشباع العالم ورعاية الكوكب".

وإن الحقائق الواردة فى تقرير منظمة الأغذية والزراعة السنوى عن حالة الأغذية والزراعة تبرر بشكل واضح التركيز المنصب على الزراعة الأسرية، فالأسر تدير ما يقارب 500 مليون مزرعة من أصل 570 مزرعة فى العالم، وهى الراعى الأساسى لمواردنا الطبيعية، وهذه الأسر، بصفتها قطاعاً، تشكّل أكبر جهة عمل فى العالم وتوفّر، من حيث القيمة، أكثر من 80% من الأغذية فى العالم، وغالباً ما تشكّل المنتج الرئيسى للأغذية الطازجة، وتزدهر فى قطاع إنتاج الألبان والدجاج والخنازير.

وتوفر الزراعة الأسرية فى الشرق الأدنى وشمال أفريقيا سبل المعيشة لمعظم الناس الذين يعيشون فى المناطق الريفية، حيث تتركز الغالبية العظمى من الفقراء، وتشير التقديرات إلى أن الزراعة فى المنطقة توظف ثلث مجموع القوى العاملة فى المنطقة، حيث توظف أكثر من 60% من القوى العاملة فى المغرب، وأكثر من 35% فى السودان وموريتانيا، ويتم توليد تقريباً كل هذا العمل من قبل المزارع الأسرية التى تشكل مصدرا مهما للدخل الأسرى لكثير من البلدان فى المنطقة، فعلى سبيل المثال تمثل المزارع الأسرية نحو 15% من إجمالى عدد السكان فى مصر واليمن، ونحو 10% فى المغرب والجزائر و4-5% فى لبنان وتونس.

وعلى الرغم من ذلك، يتناقص باضطراد حجم المزارع الأسرية فى المنطقة، وذلك نتيجة لزيادة عدد السكان وتجزئة الأراضى بطريقة تصاعدية، ونتيجة لذلك، فبالرغم من أن نحو 84% من أصحاب الأراضى فى المنطقة هم من المزارعين الأسريين، فهم يسيطرون على 25% فقط من إجمالى المساحة المزروعة، ويحدث ذلك أيضاً، لأن المزارعين الأسريين ما زالوا لا يستطيعون الوصول السليم إلى الأرض والمال والتكنولوجيا، وغير منظمين فى منظمات قوية قادرة على التوفير لهم جميع الخدمات التى يحتاجونها ليتمكنوا من تقديم مساهمة ملحوظة فى الأمن الغذائى لبلدانهم.

لا تنطبق هذه الأرقام على هذه المنطقة فقط، فعلى المستوى العالمى يشكل العديد من المزارعين الأسريين، لا سيما منتجى زراعة الكفاف، جزءاً ممن يعانون انعدام الأمن الغذائى ويعيشون فى المناطق الريفية ونسبتهم 70% من سكان العالم، وهذا يعنى أنه ما زال للمزارعين الأسريين إمكانيات ضخمة يمكنهم بلوغها مع الدعم المناسب، ويشير تقرير حالة انعدام الأمن الغذائى فى العالم إلى التحديات التى يواجهها القطاع وكيف يمكن لنا العمل سوياً للتغلب عليها.

وخلال العقود القليلة الماضية، شهد إنتاج الأغذية واستهلاكها والتجارة بها تغيّرات عميقة.

وفى الأثناء، ازدادت الإنتاجية الزراعية بشكل كبير بفضل التقدم العلمى والتكنولوجى المحرز أيضاً، ويعوّل سكان المناطق الحضرية الذين يتزايد عددهم فى العالم على الأغذية التى تُنتجها نسبة من المزارعين أقل بكثير من تلك التى شهدتها فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وباتت أسواق الزراعة والمنتجات الغذائية تتسم بالعولمة، وتعتمد النظم الغذائية للسواد الأعظم من السكان فى العالم على أربع سلع فحسب.

ويتعين تكييف الزراعة الأسرية والدعم المقدّم لها بشكل يستجيب لهذه الظروف المتغيّرة، ولا بد، لتحقيق هذا الهدف، من الابتكار: يتعين على المزارعين الأسريين الابتكار فى النظم التى يستخدمونها، وعلى الحكومات الابتكار فى السياسات الخاصة التى تُنفذها دعماً للزراعة الأسرية، وعلى منظمات المنتجين الابتكار للاستجابة بشكل أفضل لاحتياجات المزارعين الأسريين، وعلى مؤسسات البحث والإرشاد الابتكار من خلال الانتقال من عملية بحث ترتكز فى معظمها على نقل التكنولوجيات إلى نهج يمكّن المزارعين الأسريين من الابتكار بأنفسهم ويكافئهم على ذلك.

وبالإضافة إلى ذلك، ينبغى للابتكار، بكل أشكاله، أن يكون شاملاً، ويشرك المزارعين الأسريين فى عملية توليد المعارف وتقاسمها واستخدامها ليتمكنوا من الأخذ بزمام هذه العملية وأخذ المنافع والمخاطر المرتبطة بها على عاتقهم، مع ضمان استجابة هذا الابتكار بشكل فعلى للسياقات المحلية.

ومن الواضح أنه يتعين على المزارعين الأسريين إنتاج ما يكفى من الأغذية ليس فقط لأنفسهم وإنما أيضاً للذين يعيشون فى المناطق الريفية ولا يعملون فى الزراعة، وسكان المدن، ويتعين عليهم أيضاً توليد الدخل، أى الأموال لشراء المدخلات كالبذور والأسمدة، وكذلك ضمان سبل كسب عيش لائقة بما فى ذلك دفع التكاليف لتعليم أبنائهم وغيرها من الاحتياجات.

وعندما يكون المزراعون الأسريون أصلب عوداً تعم الفائدة على الجميع، فتوافر المزيد من الأغذية محلياً يؤدى إلى تعزيز الأمن الغذائى وإلى إمكانية إنتاج وشراء الأغذية فى الأسواق المحلية ومن أجلها، وهذا يعنى بدوره توافر وجبات طازجة وصحية بشكل أكبر تحترم الثقافة المحلية، وتعطى قيمة للأغذية المحلية، وتساهم فى تحسين التغذية، وتسمح بتدفق المزيد من الأموال فى الاقتصادات المحلية مما يساعدها على الازدهار.

ولا تقتصر قائمة المنافع على ما سبق فهى تتضمن أيضاً وعلى سبيل المثال، إمكانية ربط الإنتاج المحلى بالوجبات المدرسية وإمكانية تحفيز القطاعات التى بوسعها دعم الإنتاج المزدهر.

وتؤدى هذه الجهود إلى التنمية الريفية المستدامة فى الأقاليم وهو أمر يتعين على الجميع – أى المزارعين والمجتمعات المحلية والحكومات – الاستثمار فيه، فمن خلال الجمع بين الدعم البناء للحماية الاجتماعية وغيرها من أشكال الدعم العام على غرار تحسين الوصول إلى المرافق الصحية والمدارس، يمكننا استحداث دورة تنموية مستدامة تكون فعّالة بحق.


وفى سياق الجهود المشتركة لتعزيز النمو الاقتصادى المستدام بيئياً والشامل اجتماعياً، يستحق كل من النساء والشباب اهتماماً خاصاً، فالنساء يضطلعن بدور رئيسى بدءاً بإنتاج وتسويق الأغذية وصولاً إلى ضمان التغذية الأسرية المناسبة، على الرغم من عدم الإقرار بهذا الدور دائماً وبالشكل الواجب فى كامل منظومة الأغذية، وفى الوقت نفسه، يتعين علينا احتواء الهجرة الريفية للشباب الذين يُجبرون على الرحيل إلى أماكن أخرى بحثاً عن حياة أفضل، ويتعين علينا تهيئة الظروف المؤاتية ليرى الشباب مستقبلاً زاخراً بالفرص فى المناطق الريفية، ويشمل ذلك برامج تدريب تسمح لهم باستغلال إمكانياتهم فى إقامة المشاريع.

ونحن إذ نقترب بسرعة من الموعد النهائى لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، نعمل معاً أيضاً لبناء المستقبل المستدام والمتحرر من الجوع الذى نصبو إليه، وللمزارعين الأسريين الدور الأكبر فى هذه الجهود.












مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة