يحيى حسين عبدالهادى

ضد سبّ بطرس غالى الكبير.. والصغير أيضاً

الخميس، 09 يناير 2014 06:41 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قيل فى تبرير سفالة الطلاب الذين اقتحموا احتفال كلية الاقتصاد والعلوم السياسية أنهم كانوا يظنون أن المدعو للاحتفالية هو الدكتور/ يوسف بطرس غالى وزير المالية الأسبق وليس الدكتور/ بطرس غالى عميد الدبلوماسية المصرية والأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، وكأن سبّ الأول جائز.. اختلفت وغيرى (ولا زلنا) مع بعض سياسات يوسف بطرس غالى وزير المالية.. لكن أحداً منا لم يتعرض لشخصه وما كنا لنسمح لأحدٍ أن يسبه بسخائم من عينة «خسيس.. حرامى.. بياع حشيش».. وغير ذلك مما تقيأه طلاب الجماعة، يوسف غالى مسؤلٌ مصرىٌ اجتهد فى رسم وتنفيذ سياساتٍ، واجتهدنا فى معارضتها.. وحتى إذا أدانه القضاء بحكم نهائى فى أحد القضايا فسيكون بعقوبة محددة ليس من بينها «التجريس».. لكننى لم أستغرب ما حدث، فهو تطورٌ طبيعىٌ لما حدث قبل عامٍ مضى عندما احتفت الفضائيات بفيديو لمغترب مصرى يطارد يوسف بطرس غالى فى شوارع لندن ويشتمه.. ولم يخرج أحد ليقول إن هذا عيب يستحق الإدانة لا الإشادة ولا بطولة فيه.

ولم أستغرب وقتها أيضاً ما حدث لأنه جاء متسقاً مع حالة الاحتفاء بالسفالة التى شارك فيها معظمنا (من كل التيارات) ابتداءً من 12 فبراير 2011.

أذكر أننا كنا نقاوم نظام مبارك وسياسات الوريث ونتعرض للأذى المعنوى والمادى والبدنى ونرفض أن يتلفظ أحد شبابنا المتحمسين بأى لفظٍ خارج، وأمامنا الدكتور/ عبدالوهاب المسيرى يهتف ويصر «سلمية.. سلمية» ومعظمنا يتعجب كيف يمكن أن يسقط هذا النظام القمعى سلمياً.. لكن الكل كان يلتزم بتعليمات الكبار.. وبعد سنواتٍ تحققت نبوءة المسيرى وجاءت ثورة المصريين فى يناير 2011 متفردةً فى تحضرها الذى يليق ببلد ضارب فى عمق التاريخ.. أول ثورة شعبية سلمية لم يسحل فيها الشعب ظالميه.. بل قدمهم إلى محاكم مدنية يعلم أنها قد تدين وقد تبرئ.. لكنه التحضر.. أول شعب يثور وهو يضحك ويرسم ويغنى ويجعل من ميدان التحرير كرنفالا للإبداع.. إلى أن سقط النظام.. فإذا بمعظم وسائل الإعلام تتجنب معظم النماذج الثورية المحترمة وتحتفى بنماذج بعينها.. معظمهم لم يكن لهم دور فى الثورة (بل البعض كان دوره سلبياً).. إلا أن القاسم المشترك الأعظم بينهم كان هو التجاوز اللفظى.. وانتقلت العدوى للكثيرين من ثوار ما بعد الثورة بحيث بدا وكأن من مواصفات الثائر الحق أن يكون صفيقاً وسليط اللسان.

لا ألوم هؤلاء الصغار بقدر ما ألوم الكبار (من كل التيارات) الذين تعايشوا مع هذه الظاهرة (بل باركوها أحياناً) فى كل مراحل ما بعد ثورة يناير.. وإليكم بعض الأمثلة.. ففى مرحلة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، تطاولت فتاة غريرة على المشير/ محمد حسين طنطاوى وبدلاً من أن يلومها الكبار، تسابق الجميع للاعتراض على تقديمها للمحاكمة.. وعندما تطاول (نائب) شاب على نفس الرجل تسابقت بعض الصحف والفضائيات للإشادة بتمسكه بعدم الاعتذار عن السب العلنى.. وكأن الوقاحة فضيلة.

وفى مرحلة الدكتور محمد مرسى، اعترض شاب طريق الدكتور محمد بديع مرشد جماعة الإخوان وهو خارج مع أسرته من أحد المطاعم وأسمعه (أمام أسرته) ما لا يليق.. الغريب أن هذا التصرف المعيب لاقى استحسان معظم برامج الفضائيات ليلتها دون أن يقول أحد إن ما حدث عيب (باستثناء إبراهيم عيسى)، بغض النظر عن الاختلاف مع السياسة.

أما مرحلة ما بعد 30 يونيو فقد تكفّل طلبة وطالبات الجماعة بالقسط الأوفر من سخائمها، التى أصبحت جدران المبانى شاهداً تاريخياً عليها، وهم لا يدرون أن الجزء الأكبر من رصيدهم (الذى كان) لدى الشعب المصرى كان يرجع للصورة المهذبة لممثليهم.. وأن جزءاً من شعبية الفريق السيسى لدى المصريين راجع إلى نظافة لسانه وتعففه عن الرد على هذا السباب.

يا كل فرقاء السياسة.. لا تنسوا أن الشعب المصرى فى معظمه شعب مؤدب متحضر يعرف الأصول.. ويحب من يشبهه.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة