كرم جبر

"القبضة المرتخية" لن تنجح فى مواجهة الإرهاب

الجمعة، 10 يناير 2014 08:16 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
علينا أن نعترف أن الأمن الذى يواجه الإرهاب الآن، ليس هو نفس الأمن الذى خاض الحرب فى الثمانينات والتسعينات، وكان الله فى عون كل رجال الشرطة فهم بشر مثلنا، ولهم أولاد يذهبون إلى المدارس، وجيران فى نفس العمارة، ويشعرون فى قراره أنفسهم أنه ليس لهم ظهر يحميهم، حتى إذا كانوا فى حالة دفاع شرعى عن النفس، مثل الذين دافعوا بصدورهم عن الأقسام والسجون فى 25 يناير، فسيقوا إلى المحاكم مطاردين بلعنة قتل الثوار، ولم تشفع لهم البراءات العادلة التى حصلوا عليها فى القضاء، واستمرت الحرب الشرسة ضدهم.

لقد نجحت خطة الإخوان بعد 25 يناير فى ضرب الشرطة مادياً، بتسريح ومحاكمة أفضل عناصرها، وتفكيكها معنوياً بالتخويف من فزاعة الشهداء والمحاكمات، فأصبحوا يفكرون ألف مرة قبل أن يستخدموا أسلحتهم ضد السيارات المفخخة، ويعملون ألف حساب للبهدلة فى المحاكم والتجريس والتشويه قبل أن يسددوا ضربات قاتلة للإرهابيين، وبات ضرورياً أن يعود الأمن للأمن، وأن يوفر المجتمع مظلة سياسية وقانونية تعيد الثقة لرجال الشرطة، وتمكنهم من التعامل الحازم مع الموجة الجديدة للإرهاب، مع وضع الضوابط والضمانات التى تكبح جماح الشرطة، إذا انحرفت أو تجاوزت أو عادت لممارسات الماضى القريب، التى جعلت فئات كثيرة تشعر أن بينها وبين الشرطة "تار بايت"، ودون المساس بالأبرياء أو الاقتراب من حقوق الإنسان، فمصر نجحت فى ضرب الإرهاب فى الثمانينات والتسعينات بسياسة القبضة الحديدية، العين بالعين والسن بالسن والرصاص بالرصاص والبادى أظلم.

أما الآن فالسائد هو سياسة «القبضة المرتخية»، بسبب طابور المتعاطفين مع الإخوان من رجال الدولة، وهم كثيرون وألوانهم متعددة وألسنتهم مطاطة وتغازل كل الأطراف، بمن فيهم الإخوان والإرهابيون.. تارة يستخدمون خدعة المصالحة، وأخرى بتعليق الأزمة فى رقبة الأمن، وثالثة باختلاق مبررات للإرهابيين، مثل الأزمة الاقتصادية وانتشار الفقر، مع إن الإرهاب لا يفرق بين غنى وفقير، والفقراء هم الذين يدفعون فاتورة العنف، ويكتون بنار البطالة والغلاء، وانتشار الجرائم فى المناطق الشعبية.

الأمن وحده لن ينجح فى مواجهة الإرهاب، ولا بديل عن استنهاض روح الأمة وضمير الوطن المهدد بالرصاص، واستعادة دور المثقفين ورجال الفكر والفنانين والسياسيين والمواطنين البسطاء، وتعظيم دور القوة الناعمة فى مواجهة العنف الغبى، وما أحوجنا إلى عودة الروح الوطنية الأصيلة، وتجريد الإرهاب والإرهابيين من عباءة الإسلام التى يختفون وراءها، فالإسلام لا يعرف القتل والذبح والحرق بهذه العدوانية والبربرية، أما هؤلاء الذئاب الدموية فلا يعرفون شيئاً عن الإسلام، ويسيئون إليه.

نعم.. علينا أن نعترف أن الظروف الآن أشد صعوبة وقسوة من الثمانينات والتسعينيات، ولكن السبيل الوحيد هو استدعاء روح 30 يونيو، وتجسيد الإجماع الوطنى على محاربة الإرهاب والإرهابيين، وتمزيق الغطاء السياسى الذى يقدمه الإخوان لأعمال العنف والتخريب، فالشعب فوض الدولة وأجهزة الأمن بمقاومة الإرهاب، واتخاذ الخطوات الكفيلة بعودة مصر إلى مصر، بشعبها وحضارتها وتاريخها، وقطع الطريق على الوحوش البشرية الذين يحاولون جذبها إلى أسوأ عصور الظلام والرجعية، وليس ذنب هذا الشعب الصبور أن حكومته مهتزة ومترددة وضعيفة، ولا تقدر حجم المخاطر والأهوال والتحديات التى تواجه الوطن، وفى صفوفها وزراء ومسئولون مازالوا يمسكون العصا من الوسط، تحسبا لعودة الإخوان من جديد، ولن ينصلح الحال إلا إذا تم إقصاؤهم واستبدالهم بقيادات شابة وقادرة على الحركة واتخاذ القرار ومواجهة المخاطر.. تحركوا بسرعة أكبر من الإرهاب والإرهابيين، ووجهوا إليهم الضربات القاصمة قبل أن تنالكم عرباتهم المفخخة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة