يقول الفيلسوف الإغريقى بروتا غوراس "الإنسان مقياس كل شىء، إن صلح صلحت الحياة، وإن خاب باءت الحياة بالفشل"، ومنذ بدء الخليقة كان مفهوم الخير والشر هو النقطة المركزية فى الديانات القديمة مثل السومرية والكلدانية والأشورية والزرداشتية وغيرها حتى جاءت الديانات السماوية منسجمة مع الفطرة الإنسانية لترفع مفهوم الخير إلى مرتبة القداسة، وتعلى من شأن الإنسان وإعمال العقل وإنقاذ البشر من السقوط فى الأهواء، وبالرغم من ذلك ظل الشيطان يصطاد أتباعه ممن يعملون عكس الطبيعة البشرية والفطرة الإنسانية حتى إن بعض اللاهوتيين يعتقدون أن أصل الخطيئة هو النقص فى الطبيعة، والعمل عكس مشيئة الله.
من هؤلاء البشر الذين يعملون عكس الطبيعة البشرية والفطرية الإنسانية الأشخاص الذين تحدثوا عن أمنياتهم مع بداية العام الجديد على بعض القنوات الفضائية فى مقدمتها الجزيرة وأخواتها، حيث وجدنا أحدهم يتمنى أن تحتل إسرائيل سيناء عام 2014، وأن يُبيد جيش الاحتلال الجيش المصرى، المثير أن صاحب هذه الأمنية الشيطانية ومن على شاكلته حاول أن يلبثها ثوب العفاف ويسبغ عليها الصفة الدينية وكأن الهزيمة واحتلال الاوطان وتدمير جيش البلاد من هدى الاسلام، عندما قال أن هذه الأمنية تطبيقاً لقيام الشيخ محمد متولى الشعراوى، رحمه الله، بالسجود لله عقب هزيمة 1967 دون أن يدرك أن سجود الشعرواى وغيره من المصريين فى ذلك الوقت كان دعوة لله لوقف المصائب التى حلت بالوطن آن ذاك.
أصحاب الأمانى الشيطانية الفاسدة يتجاهلون الأحاديث النبوية وقول النبى عليه أفضل الصلاة والسلام «إذا دخلتم مصر فاتخذوا منها جنداً كثيفاً فإن بها خير أجناد الأرض»، هؤلاء يأخذون من الدين ما يناسب حالتهم السياسية والمزاجية وكأن الدين موسوعة يختار منها الإنسان ما يحقق أهدافه ويصم قلبه وعقله عن البعض الآخر.
هؤلاء يتمنون فى العام الجديد ألا تترك إسرائيل الفرصة تضيع منها باحتلالها لسيناء دون أن يدركوا أن الفرص تضيع من المسلمين والعرب وأن إسرائيل تواصل تهويد القدس والمسجد الأقصى وتغير معالمهما دون أن ينطق هؤلاء وغيرهم بكلمة، فقد قامت مجموعات من اليهود الأسبوع الماضى بقيادة رئيس صندوق "إرث الهيكل" يهودا غليك، باقتحام المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة، وطافوا فى أرجائه فى حماية الشرطة الإسرائيلية، ولم تكن هذه الاقتحامات والممارسات الأولى، بل أصبحت شبة يومية، وتنفذ فى حماية الشرطة على مرأى ومسمع من الجميع فى ظل انشغل البعض بالأمانى الشيطانية، والبعض الآخر بالمهاترات السياسية وتحقيق المكاسب المالية وتصفية الحسابات بنشر الفيديوهات والسيديهات.
الناس فى كل مكان يتمنون الخير وتحقيق الأحلام والآمال بأن يصبح الوطن افضل وأجمل وأعدل وأن يخلصنا الله من المتطفلين على أكتاف المواطنين والسارقين لأحلام المصريين، لكن الأشخاص غير الطبيعيين، ويتمنون الانكسار واليأس والبؤس، وأن يظل الوطن غصناً مكسوراً، وطائراً مقهوراً، وصوتاً مزجوراً، هؤلاء الذين يتمنون احتلال إسرائيل لسيناء لتوحيد الشعب فى الدفاع عنها كما يدعون سيفرون من الميدان وسيقولون كما قال ابن نوح لأبيه سأوى إلى جبل يعصمنى، دون أن يدركوا أنه لا عاصم لأحد إذا حدث ما يحلمون به وما يتمنونه من آثام.
أصحاب هذه الأمنيات لا يعانون من موجة انكسار تجتاح النفوس، فالكثير من المصريين يعيش هذه اللحظات فى ظل ما تحدثه السياسة من أزمات، ولكن هؤلاء أصبحوا مثل الشياطين الذين يرتدون ثوب الملاك للإيقاع بضحاياهم واصطياد فريستهم، فهدموا الكثير من الثوابت ويحاولون الآن أن يلوثوا الوطن بإسالة الدماء، والادعاء بأنهم يملكون صكوك الغفران وأن العبور إلى الجنة يتم عبر إحراق البلاد واحتلال الأوطان، فأى جنة يتحدث عنها هؤلاء؟ أنها جنة خيالية لا توجد سوى فى عقولهم البالية على غرار أمنياتهم وأفعالهم الشيطانية وليس جنة الرحمن التى لا يدخلها سوى أصحاب النيات والأمنيات الطيبة والأفعال الخيرية والمشاعر الإنسانية الصادقة وليس أصحاب الأمنيات الشيطانية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة