سهير جودة

فنون التدمير الذاتى

الخميس، 26 سبتمبر 2013 11:12 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«مجتمع جديد أو الكارثة».. إنها صيحة المفكر المصرى د. زكى نجيب محمود فى الثمانينيات، وكان يقصد وقتها أننا وصلنا إلى نقطة اللاعودة، إذا لم نتوقف لنغير طريقة تفكيرنا، ونتوقف لنفكر كيف سنبنى مستقبلنا.. إرادة البحث عن مستقبل لا الانشغال بالماضى.. لو كانت صيحة زكى نجيب محمود وجدت من ينتبه لها.. لو كان أولو الأمر وقتها يعنيهم الوطن، لما وصلنا لما نحن فيه الآن، وتخلصنا من أمراضنا الاجتماعية والسياسية التى تقف بنا خلف خط التراجع، وفوق جميع خطوط الجهل. فمنظومة الفساد والجهل والفقر والأمية بتنويعاتها التى أغرقتنا تقودنا إلى سؤال كبير: «لماذا تخلفنا؟».. مئات الكتابات والمقالات والندوات ويبقى الوضع على ما هو عليه، بل ربما يزداد سوءًا.. هل الاستبداد؟، هل التعليم؟.. تعددت الأسباب والنتيجة واحدة. أزمتنا فى عقلنا، فى طريقة تفكيرنا.. هكذا يرى الكاتب شريف الشوباشى الذى يرصد فى كتابه «لماذا تخلفنا» مجموعة كبيرة من الأمراض المصرية المستعصية.. الشوباشى يقدم بحثًا شديد العمق والوعى، وهو يتبنى مبدأ الحقيقة فوق العقيد+++ة، باعتبار أن المعرفة هى خليط يجمع بين الحواس والعقل والنقل والتجربة والحدس والخيال، وعلى الإنسان أن يكون فى غاية الحرص والحذر، والبعد عن الغرور وهو يصنع لنفسه قناعات راسخة، ومعارف ثابتة. يتطرق الكاتب إلى ثقافة الأوهام، حيث إن الشخصية الغربية تفضل أن تعيش فى ضباب الأوهام والخرافات، والإيمان بالخرافات يقترن دائما بكراهية غريزية للواقع، إن لم يتوافق هذا الواقع مع رغبات الإنسان.
ويعتبر الشوباشى التعصب الدينى والسياسى وليدًا طبيعيًا لثنائية الحلال والحرام. فالتعصب هو اعتبار أنك دائما على حق، وأن الطرف الآخر على خطأ.. التعصب يجعل صاحبه على استعداد للقتل والذبح وارتكاب أبشع الجرائم باسم الدين، لاقتناعه بأنه يدافع عن الحلال فى حين أن الطرف الآخر يساند الحرام. وإذا كانت أى حضارة كبيرة لا تتعرض للغزو الخارجى إلا إذا كانت قد دمرت نفسها من الداخل.. هذا ما قاله ديل ديوارث، مؤرخ الحضارات الشهير. ويتساءل الشوباشى: كيف دمرنا أنفسنا من الداخل؟، كيف وصلنا إلى هذه الدرجة من العجز والهوان والتخلف؟.. ويؤكد الكاتب أن العناصر التى أدت إلى انهيار حضارتنا فى الماضى هى نفسها التى تكبل عقولنا، وتحرمنا اليوم من التطور والرقى، لأن الآفات الماضية مازالت قائمة إلى الآن، بل إننا نغذيها ونحميها ونطورها، كما يسقى الإنسان الزهور فى الحديقة خوفًا من أن تذبل.. مصر ستتقدم عندما تذبل هذه الأمراض.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة