نبيل شرف الدين

محنتنا.. بين جيلين

السبت، 21 سبتمبر 2013 02:54 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كأنه قدر محتوم للجيل الذى أنتمى إليه ممن تجاوزوا الأربعينيات ليقفوا على تخوم الخمسين، أن يحشر بين أسوأ جيلين، جيل سابق ينتمى لعهد مبارك ظل يعاملنا كأننا أطفال حتى هرمنا.. أنانى التصق بمقاعده بشتى مؤسسات الدولة التى شاخت معهم، ولا يتسع المقام للخوض فى فسادهم، بل سأكتفى بالإشارة للقوانين التى فصلوها ليبقوا جاثمين على صدورنا حتى أطاح بهم أحفادهم، وكتبوا أسوأ نهاية لهم بين السجون والمنافى والمشافى، يلاحقهم العار.

أطاحت ثورة 25 يناير بتلك الوجوه البغيضة، لكنهم لم يدركوا أن جيلنا أفنى عمره يقاوم هؤلاء الشائخين، لم يلتفت الجيل اللاحق لهذا، بل بأفضل الأحوال حذفونا من حساباتهم، ووصل الأمر لوضعنا بسلة واحدة مع جلادينا الذين أهدروا أحلى سنوات عمرنا، ليُحشر جيلنا فى زاوية، بين «جيل شائخ»، وآخر «فاشخ» يُفرط فى استخدام كلمة «الفشخ»، ويمارسها فى السياسة والحوار.

ينظر «جيل الفشخ» لأبسط القيم الإنسانية النبيلة كأنها حكايات الجدات، يتسلى بها ويسخر منها، ولا يمتلك مؤهلات ولا أدوات سوى ممارسة البلطجة السياسية والإرهاب الفكرى، فإذا كان أنصار الإسلام السياسى مسكونين بخرافة «الوكلاء الحصريين للسماء»، فإن «الجيل الفشيخ» يشهرون ألسنتهم انطلاقا من قناعة مؤداها أنهم «الوكلاء الحصريون للأرض».

يبيع أنصار الإسلام السياسى «صكوك الغفران» و«مفاتيح الجنة»، بينما بضاعة «جيل النشطاء» هى الوطنية والثورية، وكلما ارتفع صوتك وتبولت من فمك البذاءات المقززة، فأنت «ثورى ووطنى»، ولو كنت لا تمتلك أدوات العمل العام التى تتكون تراكميا. لا يختلف «نشطاء الفشخ» كثيرا عن المتأسلمين فمعظمهم لم يقرأ رواية لنجيب محفوظ، ولن أتطرق للروائيين الروس والأوربيين وأمريكا اللاتينية، فبعضهم يظن أن أمل دنقل امرأة، دون مبالغة فقد سمعتها، وبالطبع لا صلة لهم بالفلسفة ومدارسها، أما علاقتهم بالتاريخ ونظريات السياسة فتنحصر بعناوين وعبارات متداولة على مقاهى وسط البلد، فيكفى أن تجيد التعامل مع «الفيسبوك» و«تويتر»، ولا تنس صورة جيفارا على «اللاب توب» أو السيارة، وبعدها كله سيكون «قشطة»، وأطلق للسانك العنان، حتى الفتيات لا يجدن غضاضة بالبذاءة، باعتبارها «ثورجية» رفعت عنها التكاليف.

والحاصل أننى شخصيا اخترت الانسحاب من هذا المشهد العبثى، فليست لدى طموحات، وأحلامى دفنتها، مكتفيا بالكتابة حين توجعنى «فكرة ما»، فأعبر عنها كطريقة للخروج من الاكتئاب، وأكتب حتى لا أموت محسورا بعدما حشرنا بين أسوأ جيلين، لا أرى لديهم ما يقدمونه للارتقاء بمصر المنكوبة.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة