رمضان العباسى

المعونة صدقة من الأمريكان أم حق للمصريين؟

الخميس، 22 أغسطس 2013 11:11 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مع كل أزمة بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية تتحول المعونة الأمريكية إلى سيف بتار تهدد به أمريكا قطع رقاب المصريين وحرمانهم من خيرات الأمريكان، فعندما تم التفكير فى التحقيق مع منظمات حقوق الإنسان الأمريكية التى اعتادت على السيادة المصرية، تم التلويح بورقة المساعدات والتعدى على الإرادة المصرية وإبطال مفعول القانون حينا ولى ذراعه حينا أخر حتى خرج الامريكان من قفص الاتهام دون أى اعتبار للمصريين، وعادت أمريكا من جديد تلوح بهذه الورقة من أجل الحفاظ على حلفائها من الإخوان المسلمين، فهل هذه المعونة حق للمصريين أم من أمريكية تقدمها وقتما تشاء وتمنعها وقتما تريد، أم سلاح تستخدمه عند الأزمات لتحقيق أهدافها؟.

الواقع والتاريخ والالتزام بتقديم هذه المساعدات منذ توقيع اتفاقية السلام عام 1979 حتى الآن يؤكد أنها حق للمصريين مقابل التزامهم بالسلام مع الكيان الصهيونى، كما أن المادة الثامنة من اتفاقية كمب ديفيد تنص على أنه "يتفق الطرفان على إنشاء لجنة مطالبات للتسوية المتبادلة لكافة المطالبات المالية". أى أن التسوية المالية كانت جزء من عملية السلام، وهذه التسوية فى مجملها كانت بمثابة ترضية مالية مقدمة من الولايات المتحدة للطرفين لتشجيعهم على الاستمرار فى عملية السلام وحرصاً منها على حماية الكيان الصهيونى باعتباره ولاية تابعة لامريكا.
وتأكيدا على هذا الحق الذى أقره الرئيس الأمريكى جيمى كارتر، تم تحويل المعونة فى عام 1982 إلى منح لا تُرد بواقع 3 مليار دولار لإسرائيل و2.1 مليار دولار لمصر، حتى لا يأتى أى رئيس أو مسؤول أمريكى يصاب بالشطط والعطب فى يوما ما ويطلب باستراد هذه الاموال أو ايقافها، وكان ذلك بمثابة تأكيد أخر على أن هذه المعونات مرتبطة بالاستمرار فى الحفاظ على عملية السلام وأحد الضمانات لحماية الكيان الصهيونى، ولا يمكن قطعها أو الوقوف عند تقديمها إلا إذا أخلت مصر باتفاقية السلام.

كما تؤكد المادة السابعة من الملحق الثانى الخاصة بالنشاط الاستطلاعى أن أمريكا كانت جزءا من الاتفاقية وعليها مسؤوليات والتزمات تجاه الطرفين، فلم تكن أميركا الضامن والراعى ومهندس هذه الاتفاقية فقط، بل كانت المفسر لها أيضا، فعندما حدث الخلاف بين الرئيس الراحل محمد أنور السادات وإسرائيل حول تفسير المادة السادسة الخاصة بالاعتداء على العرب، واعتداء العرب على اسرائيل، قدمت أمريكا التفسير القانونى لهذه المادة، كما تعتبر المعونة جزء من التعويض الذى كان يجب على إسرائيل أن تدفعه عن استغلالها لسيناء.

وبالرغم من هذا الحق إلا أن ضعف السياسة والإرادة المصرية فى عهد الرؤساء السابقين كانت السبب فى تحويل هذا الحق إلى سيف مسلط على رقاب الوطن، فقد فشلت مصر فى تسويق هذه المعونة عالميا بالتأكيد على أنها حق للمصريين مقابل التزامهما باتفاقية السلام، مما دفع الساسة الأمريكيين لاستغلال هذا الضعف فى تحويل حق المصريين فى المعونة إلى سيف يسلط على رقابهم، تستخدمه أمريكا كورقة لتلوح بها عند الازمات لتحقيق مآربها وتنفيذ مصالحها.

كما يجب أن نعلم أن أمريكا لا تقدم صدقات وهدايا للاخرين بشكل مجانى لأسباب كثيرة أولها أن الهدايا ممنوعة بقوة القانون الأمريكى، ولا يمكن إنفاق دولار من أموال الشعب دون موافقته والحصول على مقابل لهذا الدولار، فقد كانت الكثير من الشعوب حول العالم تموت من الجوع وكانت أمريكا- بلد الحريات والإنسانيات- تلقى القمح للاسماك فى المحيطات حفاظا على سعر تلك السلعة الاستراتيجية، وضمان للتحكم فى قوت البشر وأسعار الأقماح عالميا، ولم ينفطر قلبها أو تسيل دموعها حزنا على الفقراء الذين يموتون جوعا كما تفعل الآن مع الإخوان.

بالرغم من هذا الحق للمصريين إلا أن قطع المعونة يعنى خسارة فادحة لأمريكا ويضعها فى أزمة أمام إسرائيل، باعتبار ذلك تخلى عن حماية الكيان الصهيونى وتعريضه لتهديد، كما يعيد الجيش المصرى إلى السلاح الروسى، وبالتالى عدم تحكم الـأمريكان فى أجهزة ومعدات الجيش المصرى وعدم القدرة على مراقبة ومتابعة وتطوير الجيش المصرى.

فقد كانت الولايات المتحدة حريصة منذ اليوم الاول لاتفاقية السلام على أن تقدم المساعدات العسكرية البالغ قيمتها 1,3 فى صور معدات وأسلحة وقطع غيار، أما الجزء الاقتصادى من المعونة والبالغ 815 مليون دولار فيتم دفعه فى صورة حاصلات زراعية تهدف فى المقام الأول لدعم الفلاح الأمريكى وضمان تصدير منتجاته وليس عطفا على فقراء مصر، فهل تنجح مصر فى التأكيد على هذا الحق، وتسير على نهج الرئيس الراحل محمد أنور السادات، عندما قال خلال المفاوضات لمعاونيه " أنه يرى الغابة وأنتم لا ترون إلا الشجرة"، أم تستسلم الحكومة لأصحاب للعواطف المطالبين بقطع المعونة وجمعها من الشعب، كما حاول من قبل احد المشايخ وتكرر التجربة الآن حركة تمرد وكأنها لاترى سوى الشجرة فهل ترى الحكومة الغابة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة