كان من حقنا أن نغضب حينما كانت جماعة الإخوان تشن هجوما حادا على الإعلام وتصف الإعلاميين مرة بسحرة فرعون ومرة بكتائب الشيطان، وكان من حقنا أن نثور بوجه أنصار الجماعة ومريديها، خاصة أنهم أبعد ما يكونون عن الموضوعية والحيادية، وكان من حقنا أن نغضب حينما كنا نرى تلك اللغة التكفيرية المقيتة فى أفواه المتحدثين باسم الجماعة أو المناصرين لها فى القنوات الفضائية التى كانت تدعى أنها إسلامية، ولأن المعركة مع الإخوان كانت أكبر من أى معارك جانبية أخرى، وبرغم أن ممارسات القنوات الإعلامية الإخوانية كانت أقبح من القنوات الأخرى بمراحل متعددة، فقد طالبنا مرارا وتكرارا بميثاق شرف حقيقى يلزم كل العاملين فى المجال الإعلامى، ويكون رادعا، لكن لم يتحرك هذا الاقتراح شبرا واحدا، لأن النوايا لم تكن خالصة ولأن المصالح كانت متضاربة.
الآن نحن فى مرحلة تاريخية مختلفة تمام الاختلاف، إذ تأكد الجميع من أهمية الدور الذى يلعبه الإعلام، والذى يحتوى على قدر كبير من الأهمية والخطورة فى آن واحد، ولهذا يجب على الجميع أن يقنن أوضاع هذه الآلة الجبارة التى قد تؤسس أوطانا وقد تهدم أخرى، وللأسف لقد وصلنا إلى مرحلة صرنا فيها كتلة من العبث المحض، فلا القانون يضمن حقوق الإعلاميين، ولا الإعلاميون يلتزمون بالقانون، ومن لا ينتبه إلى خطورة هذا الوضع فهو أعمى.
ربما تكون من الذين سعدوا بغلق القنوات الإسلامية، وربما تكون من المحزونين، لكن مما لا شك فيه فإن خبر غلق هذه القنوات سيكتب بماء المذلة على جباه الإعلاميين إن لم يعقبه وضع ميثاق شرف ملزم لجميع أبناء المهنة، والله لا يرضى بالظلم، وكذلك الثورة، ولا يعنى تركنا للسبابين والشتامين والخائضين فى الأعراض يرتعون فى القنوات الخاصة سوى أننا نعيش فى أسوأ حالات الانحطاط المهنى، ويتضاعف هذا الانحطاط المهنى ليصبح انحطاطا أخلاقيا إذا ما وضعنا فى الحسبان أن هناك قنوات أغلقت لأنها تنشر الفتنة وتستضيف السبابين والشتامين والخائضين فى الأعراض.
الإعلام يريد تطهير الإعلام، ولا سبيل أمامنا غير هذا السبيل، وإنى أقترح هنا أن يتم تحويل ميثاق الشرف الإعلامى الذى توافقنا عليه جميعا إلى قانون منظم للنشر ومراع للحريات، وأظن أن هذا الاقتراح سيختصر علينا من الوقت الكثير، لأنى أعتقد أنه لا يوجد أحد مختلف مع هذا الميثاق، والأمر كله سينحصر فى مدى قابلية هذا الميثاق للتحويل إلى قانون، وكيفية النص على العقوبات فى هذا القانون، مع التأكيد على إلغاء عقوبة الحبس وتضخيم العقوبات المالية، وأعتقد أنه لا يصح أن نتأخر فى إلزام الجميع بهذا الميثاق أو تحويله إلى قانون شامل أكثر من هذا، وإلا فالعار أولى بنا. ومن يتجاهل إصلاح المنظومة الإعلامية الآن فإنه يدفعها إلى الانتحار غدا، ولا أجد إنذارا أقسى من حالة التشكك التى صارت تنتاب المواطن من الأخبار والمعلومات التى تبث عبر وسائل الإعلام المختلفة، سواء كانت إسلامية أو مدنية، ما يهدد بتدمير الرسالة الإعلامية كلها، ويهدد أيضا بخسارة ثقة القارئ الذى يجد نفسه الآن مضطرا إلى الحصول على المعلومة من الفيس بوك ليقع فريسة الشائعات والتضليلات.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد عطية
ليست قنوات إسلامية ولكن قنوات حزبية
عدد الردود 0
بواسطة:
لسه فاكر ؟
لسه فاكر ؟
عدد الردود 0
بواسطة:
mahmoud sharshar
الحقيقه
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
شرف
عدد الردود 0
بواسطة:
على يوسف
يا استاذ
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود
خالد عبد الله وابو اسلام وعبد الله بدر وعبد وعبد المقصود اعلاميين !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
فوق
عدد الردود 0
بواسطة:
عمرو
المشكلة في ملكية الأشحاص للقنوات الإعلامية