قال أحد المصريين خلال مداخلة على قناة الجزيرة مباشر إن الإعلام والجيش يقفان ضد الجماعات الإسلامية لأنها تعنى الإسلام وهؤلاء (الجيش والإعلام) لا يريدون الإسلام، للأسف وصل الأمر أن أصبحت الجماعات الإسلامية مرادف للإسلام فى ذهن بعض المصريين الذين تم السطو على عقولهم والتحكم فى إرادتهم بشعارات مكذوبة وكلمات مبتورة، وتفسيرات مغلوطة، فإذا لم تكن تنتمى إلى تلك الجماعات فأنت مشكوك فى دينك وانتمائك للإسلام حتى لو كنت من أصحاب السلوك القويم وممن يؤدون الفرائض ويحرصون على السنن ويخشون الله فى أفعالهم وأقوالهم، فالانتماء للجماعة هو المعيار ومقياس الإيمان، فمن الذى زرع هذه الآثام فى عقول بعض الشباب؟.
إنه الخطاب الإسلامى والإعلامى الذى كان على مدار العام الماضى أشبه بخطابات وزير الإعلام العراقى، فى عهد صدام حسين محمد سعيد الصحاف والإعلامى المصرى أحمد سعيد خلال حرب67، فقد تجاوز الكثير من الدعاة طوال العام فى حق الجميع وروجوا لأفكارهم المبتورة ومعلوماتهم المنقوصة ونشروا الكثير من الأكاذيب والافتراءات على أنها حق مبين، وتم تكفير المعارضين وطالبوا بقتلهم إلا من رحم ربى، فعلى مدار العام تحول الكثير من الدعاة إلى سياسيين متخصصين فى السب واللعن والتنكيل بالآخرين ونسوا دورهم فى توجيه وإرشاد الناس وتفقيههم فى الدين وبيان أوجه الاختلاف والاتفاق بين الأئمة الأربعة وأن هذه الاختلافات لم تأت صدفة وإنما رحمة بالعباد وتجنب الآثام والتكفير وقت الاختلاف وفتح باب الاجتهاد لخدمة البشرية بما يتوافق مع شريعة السماء.
لقد جعل هؤلاء الدعاة من أنفسهم ملائكة لا يخطئون والآخرون شياطين ولا يعقلون، ومن معهم فى الجنة ومن ضدهم فى النار منتهزين الأمية التى يعانى منها نسبة كبيرة من المصريين فبدلاً من القيام بواجبهم تجاه هؤلاء الأميين فى تعريفهم بأصول الدين الصحيح تمت مخاطبة عواطفهم وإلغاء عقولهم.
كما استغلوا بعض الشعارات فى كسب تعاطف المواطنين فتم تأسيس هذه الجماعات على قلوب مهمشة بالمشاعر العصبية والعبثية والعدمية، فجمعت حولها أفئدة من الناس تحركها كيفماء تشاء وتوجههه أينما تريد وتدفعها إلى الانتحار ثم تدعى أنه استشهاد ولا نعلم هذا الاستشهاد فى سبيل ماذا؟.. لقد تجاهل هؤلاء العقل كمبدأ للتفكير والتدبير، فبدلاً من أن يكون العقل مقياس الخطأ والصواب والجيد والردىء، أصبحت الأهواء والفزاعات والشطحات للشيوخ والدعاة هى المقياس.
للأسف هؤلاء الدعاة يقفون على المنابر والمنصات ليشعلوا حربا دموية ويقدمون أنصارهم فداء لأحلامهم ثم يختفون فى جحورهم، فقد ظلوا طوال الوقت يرددون (شهداء بالملايين على القدس رايحين) فإذا بهم يلقون بأنصارهم إلى التهلكة فى طريق آخر غير طريق القدس وبأفكار أدمت القلوب وخرّبت الدروب، وأشعلت الخطوب، ودمّرت أحلام المواطنين.
لقد أصبح الإخوان وأنصارهم يمارسون ما كانوا ينبذونه قبل أيام قليلة وكأن حديثهم كان من أجل مصالحهم وطموحاتهم فمن المعروف فى عقيدة وفقه جماعة الإخوان أن انتماءها ليس للوطن، بل لدولة الخلافة والمرشد العام، كما هو الحال فى الفقه الشيعى، مما يؤكد أن الجميع فى التخريب والتدمير سواء، ولكن الجماعة بعنادها كادت أن تقضى على التجربة الديمقراطية بأفكارها البالية، وعدم قدرتها على استيعاب الآخرين والعمل مع باقى المصريين.
لاشك أن من حق الجميع أن يعبر عن رأيه، دون الوقوع تحت طائلة الإجراءات الاستثنائية ولا يمكن لأى مصرى بعد ثورة 25 يناير المجيدة أن يقبل بضبط أى شخص دون اتهام واضح أو إغلاق مؤسسة إعلامية بقرار إدارى أو تكميم الأفواه لمجرد الاختلاف ولكن لا يجب أن تقدم الجماعات الإسلامية الشعب كوقود لأفكارها وأحلامها وتضحى بالوطن من أجل تحقيق أهدافها، وتدعى أن العنف محرم ثم تمنح نفسها رخصة خاصة لتمارس القتل والتنكيل بالمواطنين.
وبالرغم من المشهد المأساوى والمسرحية العنترية على المنصات المختلفة وممارسة القتل على الهوية والانتماء، وسفك الدماء الذى صار قضية أزلية لدى البعض بالرغم من المراجعات الفقهية، إلا أن الأمل باق فى أصحاب العقل المستنير والمتفقهين فى الدين وليس أصحاب القلب المستطير والحشود التى تسير بلا تفكير أو تدبير.
فمصر تحتاج إلى فكر جديد، يضع الإنسان أمام مسئولياته الوطنية، والتزاماته الأخلاقية، والتخلص من عقدة الذات، وإدعاء الملائكية والأنا الناهرة والغائرة فى الذاتية والأنانية. فالوطن يحتاج إلى مفكرين يُدللون بأدلة منطقية عقلية ولا يُعللون بحجج واهية، يُحللون بالمنطق ولا يُدجلون باسم الدين لكى تنجح التجربة وتتحقق الرفاهية وننقذ مصر من براثن التخلف المستشرية والأفكار البالية حتى لا تتحول من نظام المرشد الإيرانى إلى مستنقع القتل العراقى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة