مسألة أن الدكتور مرسى صاحب شخصية ضعيفة، وغير قادر على إقناع الناس بنفسه، أو بكلماته فى الخطابات المختلفة.. مسألة منتهية، ويمكن أن يضاف إليها انتشار شعور عام بين المصريين بأن خطاب الرئيس – أى خطاب لمرسى – يتساوى فى حجمه ومقداره مع «نمرة» مونولوجست شعبى لم يتم ضبطه متلبسا من قبل وهو قادر على إضحاك الناس أو إبهارهم.
مرسى فى خطاب «هلاوس الشرعية» أضاف إلى تاريخه السابق ذكره بعضا من البهارات الجديدة، أهمها على الإطلاق أن الرجل فقد قدرة السيطرة على عقله، وأصبح عاجزا عن رؤية ما هو أبعد من أسفل المنطقة التى يظللها حذاؤه. فلو أن محمد مرسى يملك أى قدرة على التفكير، وإعمال العقل لاستطاع فى خطاب «هلاوس الشرعية» أن يبقى على المعركة فى مجالها السياسى، لكنه قليل الحيلة إلى تلك الدرجة التى دفعته لإعلان إهدار دم الشعب المصرى فى خطاب رسمى، من أجل الحفاظ على كرسى الرئاسة، ناقلا المعركة دون أن يدرى إلى خانة الصراع من أجل البقاء.. الإخوان وأعوانهم فى ناحية، والشعب والجيش ومؤسسات الدولة فى ناحية أخرى.
مرسى كان ساذجا حينما أتى على سيرة الدماء، وقال إنه، وبالتبعية أنصاره، سيقدمون رقابهم وأرواحهم فداء للشرعية، لأنه منح عبر لفظته هذه غطاء شرعيا لكل القوى الشرعية والعسكرية التى تريد حصر الجماعة فى خندق العنف والإرهاب. مرسى كان ساذجا حينما ترك أعوانه، وعصام حداده يكذبون على الغرب، ويطلبون من الأمريكان والدول الأوروبية التدخل فى شؤون مصر لحمايته مما أسموه الانقلاب العسكرى، فى تزوير حقيقى لإرادة الملايين التى خرجت تهتف برحيله، لأنه رئيس فاشل، وليس لأنه إخوانى، أو حامى الشريعة الإسلامية كما يروج أنصار رابعة العدوية، المغيبون المقتنعون بأن سيدنا جبريل يصلى بجوارهم فى شوارع الإشارة المرورية الصغيرة.
خطاب مرسى الذى نضح خلاله بكل ما فى بئره من عنف وديكتاتورية وسذاجة، كان كارثيا على جميع المستويات، وربما يكون بمفرده سببا كافيا لأن يخرج الملايين للمطالبة برحيل مرسى، قناعة بأنه لا يملك القدرة على فعل أى شىء بشكل صحيح.
- على المستوى السياسى، خطاب مرسى الذى حمل عنوان «هلاوس الشرعية»، هو السذاجة المطلقة فى أغبى أشكالها، وانتحار سياسى، لأن ما ورد فى الخطاب يؤكد أن مرسى وإخوانه مستمرون فى تنفيذ مخطط الغباء السياسى، وممارسة السياسة على طريقة بلطجية الشوارع بفتح الصدر، والدخول فى معارك وعداوة مع الجميع. لا أصدق أبدا أن أحدا فى مكتب الإرشاد لا يدرك أن معركة العنف التى يدعون شبابهم لخوضها، حفاظا على الشرعية، سيواجهون خلالها جموع الشعب، والقوات المسلحة، وجهاز الشرطة، وعائلات وقبائل صعيدية غاضبة. فإصرار الرئيس وإخوانه على التهديد بالعنف والدم والفوضى تبدو كوميدية، وتبدو ريشة يرسم بها الإخوان نهاية مستقبلهم السياسى بين شعب، وأجهزة رسمية لن تقبل بعد الآن مشاركة تيار كلما شعر بالهزيمة، هدد بالعنف والدم.
- على المستوى الاجتماعى، خطاب مرسى وصمة عار سيكتبها المجتمع باسمه، واسم الإخوان المسلمين فى أسود صفحة بتاريخ مصر، بأن محمد مرسى هو أول رئيس مصرى يستحل دماء الشعب المصرى، ويحرض المصريين على بعضهم البعض، حفاظا على دفء كرسى السلطة.
- على المستوى الدينى، خطاب مرسى يفضح أكاذيبه، وأكاذيب مكتب الإرشاد، وكل تجار الدين الذين يخالفون تعاليم الإسلام التى تدعو إلى حقن الدماء من أجل البقاء فى السلطة.. مرسى الذى يدعى التدين وحمايته للإسلام رفض أن يقتدى بحفيد رسول الله عليه الصلاة والسلام سيدنا الحسن، رضوان الله عليه، وينسحب حقنا لدماء المصريين والمسلمين.
- على المستوى النفسى، خطاب مرسى وارتباكه الواضح، وارتجاله الفاضح على الشاشات، وترديده لكلمة شرعية أكثر من 60 مرة، تؤكد أن الرجل يعانى كماً من الارتباك تجب معه الراحة الفورية، والجلوس على «شيزلونج» أى طبيب نفسى محترم طلبا للعلاج.
- على المستوى الجماهيرى، كان واضحا أن محمد مرسى أراد من خلف مضمون خطابه الغريب الذى تحدى فيه إرادة الشعب أن يحصل على أكبر كم ممكن من الأحذية المرفوعة فى الميادين، مثلما فعل الشعب مع كل خطاب لمبارك كان يتحدى فيه إرادتهم، ويرفض الرحيل.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة