أكد الشعب المصرى كعادته أنه الشعب الذى يحمل بين جنباته تلك الجينات الحضارية التاريخية الوطنية التى تميزه عن غيره من الشعوب، تلك الجينات التى تعطيه القدرة على تحمل الواقع بكل صلفه وأعبائه حتى ينتفض ويثور ليغير هذا الواقع ببوادر مستقبل أكثر إشراقاً، فهل رأينا شعباً يثور بشكل غير مسبوق ثلاث مرات فى أقل من شهر واحد؟ لقد قالوا عن 30 يونيو إنها انقلاب فخرج الشعب يوم 3/7 ليؤكد الثورة، وخرج مرة ثالثة يوم 26/7 ليعلن تأكيد الثورة والوقوف فى مواجهة الإرهاب، وهذا لا يعنى مواجهة فريق بعينه أو تيار بذاته، حيث لا أعتقد أن أحداً يقف مع الإرهاب أو يسانده، لا على المستوى الدينى أو الوطنى أو الأخلاقى، لأن حرمة الدم يجب أن تكون عهداً والتزاماً على الجميع، ولا فرق بين قتلى وقتلى فالجميع مصريون ودمهم زكى غال على الجميع دون تفرقة وأعتقد أن ما يسمى تفويض الجيش والشرطة لمواجهة الإرهاب لا يعنى على الإطلاق مزيداً من إهدار الدماء، خاصة فى إطار التعبير السلمى والقانونى عن الرأى، وهنا يجب أن نفرق بين العمليات الإرهابية التى تتم ضد الجيش والشرطة فى سيناء من عناصر غير مصرية تستبيح الدم وتسقط الوطنية ولا تؤمن بالوطن، وبين التعبير السلمى عن الرأى، وهذا يتطلب الكف عن التهديد والتحريض على الدم وقطع الطرق، وإحداث شلل لتعطيل الحياة، فهذا بلا شك ضد القانون وسيعطى الفرصة لمزيد من الدماء على حساب شباب طاهر متحمس آمن بما يعتقد أياً كانت صحة هذا الاعتقاد، يجب عدم إسقاط الواقع الحالى وتجاهله، رفع سقف المطالب بعيداً عن المواءمة والواقع والقدرة لا يفيد، بل يمكن أن يسرب فرصا من بين أيدينا، التصور القائم بتكرار الأحداث واستنساخها أنه بعد سقوط مبارك وقفز الإخوان على الثورة والدولة وأخونتها بعيداً عن شركاء الثورة والوطن الشىء الذى أحدث تناقضاً جذرياً مع الجميع دون استثناء أفشل التجربة الإخوانية المحلية والعالمية، فكانت هبة 30/6 الشعبية فسقط نظام الإخوان، والتصور أن تكرار ما حدث يسقط النظام، فهناك فارق بين الحالتين، فى عام الإخوان تناقض الحكم مع الدولة العميقة والمؤسسات والتيارات السياسية، والأهم لم يستطع النظام كسب مصداقية وثقة الجماهير فتحالف ضده الجميع، ولذا تصبح خطة الإخوان الآن فى مواجهة الجميع، ولو مؤقتاً، ولذا سيخسر الإخوان الكثير خاصة أن المواجهة الأساسية ستكون بين جماعة ودولة بحجم مصر وقدرتها، فهل طريق الاستنزاف والمواجهة الصفرية سيكون فى صالح الإخوان سياسياً وتاريخياً؟ أم يجب إعمال العقل والمنطق واستيعاب الواقع والتعامل معه بهدف تغييره مستقبلاً؟ لا شك فإن سقوط السلطة من يد الإخوان غير سقوط التنظيم، ولا حياة لتنظيم بغير الجماهير الوافدة والواثقة فى هذا التنظيم، والبناء غير الاستنزاف، وخطة الطريق تفتح الباب للجميع وسيكون الحكم للجماهير، الوقوف أمام التعريفات والتنظيرات والمعانى التى تؤمنون بها من باب التقية لا يفيد الآن، والعمل على المصلحة الخاصة على حساب الوطن أصبحت هى المشلكة الحقيقة لكم، فمصر ملك كل المصريين الذين يؤمنون بمصريتهم ولا يتعالون على الآخر، فهل نشارك كأبناء مصر، أم سنسير فى الدائرة المغلقة التى لن تكون فى صالح أحد؟ حفظ الله مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة