البلتاجى وصفوت حجازى ومحمد بديع وعصام سلطان وغيرهم من قيادات الإخوان المختبئين فى رابعة العدوية، يعيشون عالما من الخيال، حين يتصورون أن مرسى يمكن أن يعود للحكم، وهم يعلمون جيداً أن الوقت ليس فى صالحهم، وأن المعتصمين لن يبقوا فى الميدان إلى ما لا نهاية، وأن كل يوم يمر يزيد موقفهم سوءًا وتعقيدًا، لاستمرار القتل ونزيف الدماء بسبب دعوات التحريض الجاهلية التى تنبعث من منصة رابعة.
منذ البداية ارتكب قادة الإخوان خطأ فادحاً، حين نقلوا الأزمة من ساحة الصراع السياسى إلى حلبة الحرب الدينية، واحتكروا لأنفسهم وكالة السماء، وإعلاء راية الإسلام، مع أن الأمر يتعلق بالسلطة والحكم والقصر، ولا علاقة له من قريب أو بعيد بنصرة الإسلام، وأثبتت الأحداث أن الإخوان ومن معهم يقاتلون من أجل الحكم والكرسى، ويستميتون من أجل السلطة والنفوذ، ويزجون بالشباب والعواجيز والنساء والأطفال كدروع بشرية فى أتون صراع سياسى دام، ويصورون لهم الأمر كأن الإسلام مقضى عليه إذا ترك الإخوان الحكم، وأن الشريعة ضُربت فى مقتل بإزاحة الرئيس المعزول، وغير ذلك من مفردات الخطاب الدينى العدائى التى أضفت على المطامع السياسية مسحة دينية مقدسة.
عاش المصريون – من غير التيارات الإسلامية – أياماً سوداء تحت حكم الإخوان، لإدراكهم أن بلدهم يمضى فى طريق، ويتم التهامه قطعة قطعة على أيدى مرسى وأهله وعشيرته، وأن الديمقراطية والشرعية والصندوق وغيرها من عبارات المداهنة ما هى إلا ستار من الدخان الكثيف يحجب وراءه خططا ومشروعات إخوانية تتضمن محو هوية مصر، وتفكيك أوصالها، وإحكام السيطرة عليها، ولو استمر مرسى والإخوان فى الحكم عاما آخر، لقُضى على الديمقراطية والمعارضة والقضاء والإعلام وحرية الرأى ومصر نفسها إلى الأبد، خصوصا أن المعزول وجماعته كانوا يهيئون الأجواء لنموذج يشبه طالبان عن طريق فتاوى التكفير والعنف والقتل وإراقة الدماء، من حفنة من الظلاميين الذين احتضنهم ووضعهم فى صدارة الصفوف فى الاحتفالات والمناسبات الوطنية، وكان يجلس مبتسما ويهز رأسه وهم ينشرون فتاوى الفتنة التى تمزق الوطن وتستبيح القتل وتنشر أسوأ أفكار التكفير.. ولم يعبأ مرسى وجماعته بتحويل سيناء إلى وطن بديل للإرهابيين، وملأها بالإرهابيين من تنظيم القاعدة لتخفيف الضغط عن القوات الأمريكية فى أفغانستان، وكان ينوى استضافة مقاتلى الشيشان لتخفيف الضغوط عن الروس، وأضاف إليهم المئات من الإرهابيين الذين أطلق سراحهم من السجون المصرية، وفتح الأبواب على مصاريعها لحماس، وغل يد القوات المسلحة عن تطهير سيناء بزعم أن «دم المسلم حرام على المسلم»، وتدخلت عناية الله وشجاعة المصريين وجيشهم الباسل، والذين انتفضوا فى الوقت القاتل ليوقفوا صفقات بيع الوطن، والتنازل عن أراضيه، تحت أكاذيب الإخوان عن الشرعية، والدفاع عن الإسلام، ونصرة الحق، وأنقذ الله مصر من الوقوع فى براثن حكم دينى فاشى، يطمس ماضيها، ويدمر حاضرها، ويخنق مستقبلها. المختبئون فى رابعة العدوية يعيشون عالما من الخيال عندما يتصورون أن مرسى يمكن أن يعود، لأن معنى عودته ضياع مصر، والزج بشعبها فى حروب أهلية حقيقية تحرق الأخضر واليابس، وتسيل الدماء كالأنهار فى الشوارع، لأنه نجح فى زرع ميليشيات الكراهية بين المصريين، علاوة على أن تركيبته النفسية العنيفة ستحوله من رئيس يحكم بالعدل إلى جلاد يطارد خصومه، وسوف تتسع دائرة انتقامة لتشمل قطاعات عديدة من المجتمع، بجانب أعدائه التقليديين الذين كان يناصبهم العداء قبل 30 يونيو، وندعو الله ألا يكتب على مصر – مرة ثانية – هذا المصير المظلم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة