الإنسان هو معجزة الله فى هذا الكون، وهو الذى تحمل الأمانة، وهو المكرم دون كل المخلوقات، وهو صانع الحضارة ومكتشف العلم وباعث التقدم على مدى التاريخ، ولذا كانت دائماً إرادة الإنسان والشعب من إرادة الله حتى إن الله سبحانه وتعالى قد أعطاه الحرية ومنحه قدرة على معرفة الحق «فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»، ولذا فالحرية والاختيار حق للإنسان ما عليه غير تحمل نتائج حريته ومسؤولية اختياراته، ولذا فعندما توافقت إرادة الجماهير فى 25 يناير أُسقط النظام بسلمية أذهلت العالم، وكان من الطبيعى أن يستمر هذا التوحد حتى يتم إنجاز أهداف الثورة التى طالما اشتاقت إليها الجماهير ولكن قد وجدنا من لم يؤمن بالثورة يوماً حيث إنها تتناقض مع أفكاره يقفز عليها باسم الديمقراطية والصندوق التى يعتبرونها صناعة غربية كافرة، يقفزون على الثورة ويختطفون الوطن ويأخونون الدولة، ليس لتحقيق الثورة ولا العمل لصالح الجماهير التى تم التلاعب بعواطفها الدينية تحت زعم حماية الدين فاختارتهم، ولكن لتحقيق مصالحهم الخاصة وأهدافهم الذاتية التى لا تعتبر مصر غير ولاية فى دولة الخلافة، فمصر بالنسبة لهم لا تساوى غير طظ، فكانت المغالبة لا المشاركة ودانت لهم السلطة بعد أن كانت حلماً بعيد المنال، فملأهم الغرور وتقمصهم الاستكبار فحنثوا بالوعود وخانوا العهود، ولأن خبرتهم لا تعدو أن تكون غير خبرة تنظيم سرى فاشى حديدى لا يجيد غير السمع والطاعة وباسم الدين، تصوروا أنهم يمكن أن يديروا وطناً بحجم مصر بعيداً عن مشاركة من صنعوا الثورة وفجروها، فحولوا الثورة إلى ثورة مضادة، فانكشفت أهدافهم وعرف الشعب أكاذيبهم وفضحت برامجهم الوهمية فلم نجد نهضة بل وجدنا وكسة فزادت الفوضى وتفاقمت المشاكل وسقط الاقتصاد وتصاعد الاستقطاب وتم معاداة الجميع دون استثناء تجسيداً لحالة غير مسبوقة من الغشم السياسى، ولهذا فإن مسار الثورة كان قد توقف مؤقتاً حتى أبدع شباب الثورة تلك الآلية الرائعة وهى حملة تمرد التى وصل عدد الموقعين عليها أكثر من اثنين وعشرين مليوناً من المصريين، فكانت آلية سلمية لا تمثل خروجاً على الشرعية ولا إسقاطاً لمرسى بقدر ما كانت آلية ديمقراطية تطالب بإعمال الصندوق فى لحظة فقدت فيها السلطة المصداقية للموقعين، فكانت دعوة 30/6 ليكون يوماً معبراً عن الإرادة الشعبية لاسترداد الثورة المسروقة، فكان رد الفعل تظاهرات الترهيب والتخويف والتفزيع تحت زعم وادعاء الحفاظ على الإسلام وكأن المعركة بين من هم مع الإسلام ومن ضده، ناسين أن الإسلام كان وسيظل دائماً بخير فى مصر بمسلميها ومسيحييها لأنه جزء من التكوين الحضارى للشخصية المصرية، فخرجت الجماهير يوم الأحد الماضى معلنة صيحة عالية مدوية بإعادة مسار الثورة على الطريق الصحيح حتى تظل الثورة ومصر بكل المصريين ولكل المصريين، مع العلم أن العنف الذى يتصورون أنه بديل لتحقيق إرادة الجماهير لن يولد غير عنف مضاد لن يكون فى صالح الوطن بكل أبنائه والدم يسقط الأنظمة على مدى التاريخ ويعطى الضوء الأخضر لنزول الجيش لحماية الوطن والمواطنين وسيكون بديلاً مؤقتاً للنظام فلا إقصاء لأحد فالجميع مصريون، بل مشاركة على أرضية ثورية وطنية مصرية لا تلغى الثقافة ولا تجور على الهوية ولا تسقط حقا ولا تساعد ظلماً ولا تفرق على أى أرضية، هذه هى مصر ولن تكون غير ذلك إن آجلاً أم عاجلاً، والعاقل من يتعظ من الآخرين، ومصر لكل المصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة