رمضان العباسى

30 يونيو.. الخلاص من الإخوان أم القضاء على المعارضة؟

السبت، 22 يونيو 2013 11:18 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى الثلاثين من يونيو تبدو كل الاحتمالات مفتوحة، ونهاية الأحداث غير معروفة، فما فعله الشعب المصرى فى ثورة الخامس والعشرين من يناير فاق كل التوقعات، وخيب ظن كل المحللين والمسؤولين- وإلا نجوا من الثورة وغضب المصريين- فقد كشفت الثورة المصرية أن المصريين تجاوزوا مرحلة الثبات، وتم القضاء على نظام الأبوة الذى عاش المصريون تحته ردحا من الزمان يعانون فى صمت، ويتحملون مآسى وشطحات والملوك والحكام، لسنين طويلة، حتى ظن الجميع أن المصرى بطبيعته يخشى المواجهة، ولا ينتفض ولا يثور، وكرّس الإعلام والتعليم ثقافة "المشى جنب الحيط" حتى كشفت ثورة يناير عن هوية المصرى الحقيقية، وأثبتت أنه حليم، ويجب أن يتقى الحاكم شره عندما يغضب ويثور. فقد يمر يوم الثلاثين من يونيو مرور الكرام، وقد يكون ضيفا ثقيلاً على البلاد والعباد، يضيف إلى المصريين مزيدا من الأيام العجاف، وقد يكون بداية التخلص من سطوة وهيمنة مكتب الإرشاد على البلاد، والتحكم فى حياة المصريين.

وبالرغم من تنوع السيناريوهات وتباين التوقعات واختلاف الرؤى والأهداف بين التيارات حول الثلاثين من يونيو، إلا أن السيناريو الأخطر فى هذا اليوم هو استجلاب الماضى، فقد يكون هذا اليوم هو الفرصة التى ينتظرها النظام الحاكم للانقضاض على المعارضة، والزج بها فى السجون، والتخلص من صداعها، والقضاء على مطالبها، كما فعل السادات فى انتفاضة 1977، وكما فعل عبد الناصر مع الإخوان عام 1956، حيث تحاول الحكومة وبعض التيارات السياسية إشعال الفتنة، وإسالة الدماء، حتى تكون هناك فرصة للتدخل والتخلص من المعارضة بشكل لايثير الرأى العام العالمى ومنظمات حقوق الإنسان ضد النظام، وقد يفسر ذلك إصرار وحرص البعض على تسويق العنف فى ذلك اليوم، بالرغم من تأكيد المتظاهرين على السلمية.

لاشك أن التيارات الإسلامية لن تتوانى فى الدفاع عن الرئيس، وستقف بالمرصاد ضد الشعب والثوار، ليس من أجل الشرعية كما يزعمون، بل من أجل الحفاظ على "الأملة" التى وصلت إليها هذه التيارات، فلم يكن أكثر المتفائلين فيهم يحلم بوظيفة وكيل وزارة، أو الدخول إلى قصر الاتحادية فى مناسبة رسمية لعدة دقائق، ولكن الثورة جعلتهم ملوك القصر وحكام البلاد وأصحاب السيطرة والهيمنة على البلاد والعباد، فكيف لهم أن يفرطوا فى ذلك بسهولة؟، لذلك ليس غريبا ما يدعيه بعض الشيوخ من تكفير للمتظاهرين، وما يمارسه صفوت حجازى وعاصم عبد الماجد من إرهاب وترويع للمواطنين بالقول بأن من "يرش مرسى بالماء سيتم رشه بالدماء". كما أن هؤلاء التكفيريين والمنافقين للرئيس والمتشدقين فى الدفاع عنه يعلمون أن نجاح الثوار فى الثلاثين من يونيو سوف يذهب- ربما- بالكثير من القائمين على الحكم وأعوانهم إلى غياهب السجون، كما يفعلون الآن مع المعارضين.
قد يختلف الناس حول طبيعة ذلك اليوم، ولكن ما عرضته قناة الناس، وأهدته للرئيس مرسى، وطالبته بتنفيذه هو الأخطر والأقذر والأسوأ أخلاقيا ودينيا وإنسانيا، حيث دعت القناة الرئيس للاستعانة بالكلاب البوليسية لمواجهة المتظاهرين، والقضاء عليهم، وكأننا نعيش فى حديقة حيوانات، ولسنا بشرا، فى دولة يدعى نظام الحكم فيها أنه إسلامى.

إن مطالبة القناة للرئيس باستيراد مزيد من الكلاب البوليسية التى ظهرت فى الفيديو لمواجهة المتظاهرين، والقضاء عليهم ونهش لحومهم، يؤكد أن النظام والقائمين عليه لم يعدوا خارج الشرعية فقط، بل خارج الإنسانية أيضا، ولكن من يكفر المصريين المشهود لهم بالتدين، فى حضور ورعاية الرئيس، ولم يتمعر وجه مرسى دفاعا عن المواطنين، ولم يتلفظ بكلمة تهدى من روع المعارضين، يؤكد أن النظام ورجاله أصبحوا أكثر قسوة وأشد غلظة من كل الأنظمة، فكيف يطالب رجال النظام بقتل الناس ونهش أجسادهم فى الشوارع، لمجرد تظاهرهم، وكيف يتم تكفيرهم لمجرد المطالبة بالتغيير والتحسين والتعديل.

أعتقد أن هؤلاء الشيوخ وهذه القنوات فى حاجة إلى من يذكرهم بقول الحق تبارك وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ"، يبدو أن انغماس هؤلاء الشيوخ فى ملذات الحكم ومهاترات السياسة أدى إلى تغيير بوصلتهم الدعوية، فتناسوا الإرشاد والتوجيه وتفقيه الناس فى الدين، وتفرغوا للهجوم على المعارضين.

كنت أتمنى أن ينأى الرئيس بنفسه عما تمارسه التيارات الإسلامية من مهاترات ومغامرات وشطحات ونطحات، وأن يكون حلقة الوسط التى يلتقى عندها الجميع، وخاصة أنه أعلن مرارا وتكرار، وقطع العهود على نفسه، بألا يطيعه المصريون إذا لم يف بتعهداته والتزاماته، ويحقق رغبات وأحلام وطموح المواطنين، ولكن ما يفعله الرئيس وأنصاره، وكذلك معارضوه، جعل المصريين يتطلعون إلى ثورة جديدة، تخلصهم من كل المتطفلين والسارقين لأحلام المواطنين والمتلاعبين بعواطف الفقراء والمحتاجين، فهل يكون يوم الثلاثين من يونيو هو ذلك اليوم أم سيكون بداية لصراع جديد؟.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة