رمضان العباسى

لعنة العرب تصيب تركيا

الأحد، 16 يونيو 2013 01:22 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يقول جون لوك (ليس للطغيان صورة واحدة ) ويقول أفلاطون، إن الديمقراطية اليونانية هى التى حكمت على استاذه سقراط بالموت، وبما أننا فى زمن العبثية السياسية، فقد صار الطغاة أنبياء، والأنبياء طغاة، وكل نظام يلقى الجمرات على رأس الآخر معتبراً نفسه من الملائكة وخصومه من الشياطين.

فقد تباينت ردود الافعال العربية تجاه المظاهرات التى تشهدها تركيا بشكل عجيب ولكن اغربها كان من وزير الإعلام السورى عمران الزعبى عندما أعلن أن المعاملة السيئة التى لقيها المتظاهرون من قبل الشرطة التركية أحزنته كثيراً، وطالب الزعبى أردوغان بالاستقالة، وقال بأسى وحزن أن الشعب التركى الشقيق لا يستحق هذه المعاملة، حقا إن شر البلية ما يضحك فقد ينسى الطغاة وأعوانهم ما يفعلوه بشعوبهم ويحاولون تشويه معارضيهم فى الداخل والخارج بكل السبل، فقد حاول الزعبى أن يكشف عورات الاخرين دون أن يدرى أنه عارٍ تماما.

يبدو أن عمران الزعبى ليس وحده الذى يرتدى نظارة سوداء يرى بها الحقائق والافعال فقد أعتبر شيوخ الفضائيات فى مصر أن المتظاهرين فى تركيا مجموعة من المأجورين الذين لايرغبون فى حكم الإسلام ويستحقون أقصى العقاب، لولا الملامة لصدرت الفتاوى بإهدار دمهم كما فعلوا مع المعارضة فى مصر، الفارق بين موقف الزعبى وموقف شيوخ الفضائيات كالفارق بين رأى الشيخ يوسف القرضاوى فى حزب الله قبل عدة أشهر ورأيه الآن، فقد كان القرضاوى يعتبر حزب الله بطل مغوار يقود راية التحرير والدفاع عن المقدسات والعزة ورفعة شأن الأمة، أما الآن فقد أصبح حسن نصر الله وحزبه ملعونين مطرودين من جنة القرضاوى وأنصاره، فقد تغيرت المواقف الدينية والسياسية بتغير المصالح والرؤى والأهداف وبما أننا فى زمن الغرائب، فقد صار الأسود ابيضا واصبح والابيض اسودا وغدا الإنسان فى أسوأ حالاته لأنه ضحية الطغاة الذين يرتدون ثوب الديمقراطية حينا وثوب الدين أحيانا أخرى حسب المصلحة، فلا ثوابت ولا ضوابط، ولا حكمة ولافضيلة ولا شيمة ولا شكيمة، بعد أن أصبحت الديمقراطية ثوباً فضفاضاً، رثا يتلون بلون الحاجة، ولكن الأخطر من ذلك تلون النزعة العقائدية بلون المصلحة الحزبية الضيقة، فغدت بعض الجماعات تُسخر الدين لتمرير مصالحها وتحقيق أهدافها وليس لنشر العدل والايمان بين الناس لذلك أصبحنا نرى حناجر صوتية تصدح باسم الدين، ويرتكب أصحابها من الجرائم، ما لم يرتكبه إبليس فى حق إبن آدم.

وبعيداً عن شيطنة المظاهرات التركية، إلا أن التجربة الاقتصادية والاجتماعية فى تركيا تعتبر نموذج متميز فى تحقيق التنمية والارتقاء بالوطن والمواطنين، فقد قامت على العمل والبناء، وتحقيق الإنجاز ثم نجحت فى تحييد الجيش وإبعاده عن لعبة السياسة، وبالرغم من ذلك حافظت على هوية الدولة دون تغيير، حيث تزين صورة كمال اتاتورك راعى العلمانية وهادم الامبراطورية العثمانية مكتب الرئيس التركى ورئيس الوزراء وبهو كل الدوائر والمؤسسات ولم يفكر أى أحد من رجال الحكم فى تركيا فى إزالة الصورة أو عدم الاعتناء بها أو الغاء الميزانية السنوية المخصصة لوضع هذه الصور فى الدوائر والمقرات الحكومية، تخيل لوكانت هذه الصورة فى مصر أعتقد أن الحرب ستعلن عليها وتجيش قوى التيار الاسلام السياسى وقتها وجهدها ومالها، بل ستصبح إزالة هذه الصورة هدف الدولة واعوانها من رجال السلطة الجدد، وكأن السلطة لدينا متخصصة فى الأمور الهامشية والصراعات الكلامية، فلم يفكر احد فى مشروع قومى يلتف حوله المواطنين أو اقتراح حلول ابتكارية لمشاكل مصر الأزلية كما فعل الاترك خلال عدة سنوات قليلة قبل أن يفكروا فى التخلص من هذا أو ذاك.

لاشك أن نجاح اردوغان اقتصاديا لايمكن التشكيك فيه وبالرغم من ذلك فإن المعارضة هناك تُحرك المظاهرات ليس من أجل مشروع تقسيم وإلغاء الحديقة وإقامة مشروع آخر فهناك هدف أخر لدى المعارضة وهو منع اردوغان من السعى لتعديل الدستور ليصبح نظام الحكم رئاسى وليس برلمانى والترشح على منصب الرئيس والتمكن من البقاء فى الحكم عشر سنوات جديدة، علما أن اردوغان إذا فشل فى تطبيق النظام الرئاسى سيفعل كما ما فعل بوتين فى روسيا عندما جاء بمحلل لمدة أربع سنوات ليعود للحكم من جديد، فقد شعر اردوغان أنه الاب الروحى للأتراك وأن من حقه الاستمرار مهما كان، دون أن يدرك أن زمن الحصول على الاغلبية المطلقة أنتهى مهما حقق القائد من نجاحات وأن الشعوب تطمح دائما للتغيير بعد أن انتهى عصر الجمود.

بالرغم من أن أكمل الدين إحسان أوغلو رئيس منظمة المؤتمر الإسلامى اعتبر تسمية الثورات العربية بالربيع العربى ضحك على الشعوب، إلا أنه لم يدرك أن كل الثورات على مر التاريخ كانت من مستصغر الشرار الذى تمارسه الشرطة التركية ضد المعتصمين فى تقسيم فهل تنجو تركيا من عدوى الثورات العربية أم تسقط فى مرارتها.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة