من لم يتعلم من التاريخ فهو جاهل.. ومن لم يستفد من تجارب الشعوب فهو بليد، ومن يعش وسط الشعب المصرى ولا يعرفه فهو غبى، وإذا شاءت الأقدار وفى غفلة من الزمان أن يصل إلى الحكم جاهل وبليد وغبى فقل عليه السلام آجلاً أم عاجلاً، هذا هو قدر مرسى وجماعته وليس قدر مصر والمصريين، لأن الله قد حباها بكثير من النعم ولأنها هبة المصريين فهى صانعة الحضارة والتاريخ، ولذلك فقد حول المصريون لحظات اليأس إلى تجسيد للأمل يبدعون فيها آليات وخطط للتخلص من الجاهل والبليد والغبى، وهذا ما كان وما سيكون، فبعد اختطاف الإخوان للثورة التى قفزوا عليها وللوطن الذى يريدون أن يسرقوه ويأخونوه باسم الديمقراطية التى يعتبرونها كنزاً، قد تجرع الكثيرون المر والحنظل واختاروا مرسى عله أن يفى بوعوده ويُخلص لعهوده التى أطلقها باسم الثورة وتحت ظلال الإسلام الذى يبرأ منه ومن جماعته، فكان من الطبيعى أن يشعر المواطن بالتغيير للأحسن باسم الثورة ومبادئها، وهدماً للنظام الساقط وفساده، ولكن لم نر غير استنساخ لعهد مبارك وإعادة لإنتاج نظامه الفاسد مع تنفيذ خطة الجماعة للتمكين من مصر لتحويلها إلى دولة التأخر والبداوة، حتى إنه وياللغرابة قد وجدنا المواطن الذى حلم بالثورة يتحسر الآن على أيام مبارك، فكان إبداع الشباب المصرى لحملة تمرد، تلك الحملة التى أعادت الأمل فى استرجاع الثورة واستردادها من يد الخاطفين، تلك الحملة التى أعطت الفرصة للمواطن فى طول البلاد وعرضها أن يعبر عن رأيه فى خيبة النظام وفشل مرسى واستبداد الإخوان، فهل عندما يعبر الشعب عن رأيه بهذه الطريقة السلمية يمكن لأحد الحديث عن القانون والدستور؟ وهل التعبير الشعبى وهو حق دستورى يصبح عبثاً فى رأى مرسى الدستورى؟ وإذا كانت تمرد عبثا وإذا كانت مظاهرات 30/ 6 لا قيمة لها كما يدعون فلماذا هذا الخوف وذاك الذعر وتلك الخضة؟ ومع ذلك ففى الإطار السياسى لا يجب أن نحمل تمرد ومظاهرات 3 0/6 أكثر مما تحتمل، فهما بلا شك خطوتان رائعتان متقدمتان على طريق التغيير التراكمى الإيجابى، نعم سيكون هناك نتائج رائعة وآثار عظيمة لهما فى كل الأحداث، ولكن هل هناك بديل لمرسى عند سقوطه؟ وهل سيتكرر ما حدث فى يناير وبعد سقوط مبارك؟ وهل هذا البديل سيكون جبهة الإنقاذ التى لازالت تحمل فى طياتها عوامل فنائها؟ وهل البديل ما هو مطروح إعلامياً أكثر منه شعبياً حمدين مثلاً أو البرادعى؟ أم أن هناك مجلسا رئاسيا، ومن الذى يستطيع تشكيل هذا المجلس ليحدث عليه إجماع؟ هل يمكن البديل أن يكون أحد التيارات الإسلامية من غير الإخوان والتى تتفق معها استراتيجياً وأن اختلفت تكتيكياً أو مرحلياً؟ وما هو هدف التصريحات المتدفقة من مجمل التيار الإسلامى بخصوص حماية الشرعية؟ هل هى شرعية مرسى، أم حماية وصول التيار إلى حكم مصر لتصبح دولة دينية إسلامية حتى إن كانت مرحلياً تحت حكم الإخوان؟ وما علاقة تصريح ما يسمى الأمين العام للحزب الإسلامى «وهل هو حزب رسمى» والتابع للجهاد يقول: «إنه فى حالة سقوط النظام سنعلن الدولة الإسلامية»، مؤكداً أنهم لن يسمحوا لأى ليبرالى أو شيوعى أو علمانى فى تولية منصب رئيس الجمهورية، ما علاقته بالديمقراطية والدستور والقانون؟ الشعب تجاوز الجميع وسقفه فاق الكل وأمام إرادته لن يصمد أحد.. ولكن الأهم هو البديل للحفاظ على الثورة وإن لم يسقط مرسى فى 30/ 6 فهى خطوات ما قبل السقوط.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة