الحلال والحرام فى مصر أصبح شيئا نسبيا يخضع للمصلحة والقوة ومعايير خاصة، ولم يعد يخضع لمنهج الدين ورسالة السماء وهدى الأنبياء، ثم ندعى أننا نسعى لتطبيق شرع الله وإقامة الدولة الإسلامية وكأن الدولة الإسلامية مبنى، يجب أن يقام، وليست قيما ومبادئ حياتيه يجب أن تزرع فى النفوس وتظهر فى الأعمال والتصرفات والحديث والسلوكيات.
فقد أصبحنا نجد خطباء الجمعة وغيرهم ممن يطالبون بتطبيق شرع الله وإقامة الدولة الإسلامية وفقهاء الفضائيات الذين خرجوا من الجحور فجأة إلى الشاشات يغيرون أقوالهم وأفعالهم حسب مصلحتهم وحقوق أنصارهم دون اعتبار للأديان والتزام بأحكام الكتاب وسنة خير الأنام، فقد وجدت إماما على المنبر فى صلاة الجمعة يحرم تهنئة الأقباط فى أعيادهم على مسئوليته الشخصية، وكأن الدين أصبح يبنى على مواقف شخصية وآراء سياسية ومصالح حزبية، فلم يكلف إمام المسجد نفسه بالبحث والتحرى والتنقيب فى كتب الفقه والسنة والتفاسير عن أسباب تحريم التهنئة للأقباط حتى يكون المصلون مقتنعين ومدركين أن هذا التحريم نابع من هدى الإسلام، ولكن الإمام المبجل اختصر الموضوع واعتبر التحريم على مسئوليته الشخصية، لأنه يدرك أن سيرة المصطفى وكتب الفقه خالية من هذا التحريم، ثم واصل حديثه فى السياسة وكأننا جالسون فى ندوة بأحد الأحزاب الإسلامية فى الوقت الذى تدعى فيه وزارة الأوقاف أن العمل السياسى فى المساجد ممنوع، ولكن يبدو أنه حرام على البعض وحلال على البعض الآخر مثلما حدث مع الشيخ مظهر شاهين، وكأنه الوحيد الذى يتحدث فى السياسة أثناء خطبة الجمعة.
وكأن الوزارة لا تعرف أن أئمة المساجد يتحدثون فى السياسة أكثر مما يتحدثون فى الدين وهدى الإسلام وخلق المصطفى عليه السلام، لذلك تم القضاء على الدرس الدينى الأسبوعى الذى كان يتعلم منه المسلمون شيئا عن دينهم وأصبحوا يستمعون إلى خطب سياسية عرجاء يغيب عنها الرؤية والحقيقة لأن الخطباء ليسوا أهل سياسة وغير متخصصين فيها ولا يدركون أبعادها وخفاياها ولا يعرفون أسرارها، لذلك أصبح بعض الخطباء يساهمون فى تشويه الناس بخطبهم السياسية بدلاً من تثقيفهم وتعريفهم بأمور الدين والأخذ بيدهم إلى الطريق المستقيم.
أما شيوخ الفضائيات الذين تخصصوا فى السب والقذف لكل من يعارضهم ومنح صكوك الغفران لمن يقف بجوارهم، فأصبحوا يحللون ويحرمون المظاهرات حسب القائمين عليها، فمع كل مظاهرة للتيارات المدنية تقوم قيامة التيارات الإسلامية والتفتيش فى الكتاب واستنباط الآيات والأحاديث لإسقاطها على المعارضين وإظهارهم أمام الرأى العام بالكفار الملحدين وكأن شيوخ الفضائيات الذين هبطوا علينا يملكون مفاتيح الجنة أسرار القلوب ويطلعون على النيات والأعمال ليعلنوا أن هذا مؤمن وذاك كافر.
أما عندما قامت التيارات الإسلامية بمظاهرات احتجاجية بالرغم أن هذه التيارات أصبحت تحكم البلاد وقادرة على أن تفعل ما تشاء ولكنها دائما على حق فى كل ما تفعله ومن وجهة نظر شيوخ الفضائيات وخطباء المساجد، فعندما خرج أنصار الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل لمحاصرة مدينة الإنتاج الإعلامى وتشويه المكان بأعمال خارجة عن القانون ومحاصرة مقرات العديد من مراكز الشرطة والاعتداء على حزب الوفد وحرق جريدتى الوفد والوطن والاعتداء على مراسلى قناة الجزيرة مصر لمجرد ذهاب الكاميرا بالصدفة وتصويرهم مجموعة من بلطجية الإخوان وهم يعتدون على الناس والمتظاهرين فى الجمعة التى أطلق عليها تطهير القضاء وقيام الجماعة الإسلامية والمشاركين معها فى مظاهرة الأمن الوطنى بالاعتداء على المبنى ومحاولة اقتحامه كل ذلك يعتبر حلالا وعملا بطوليا، لا يشبوه شائبة ولا يجب نقضه أو اعتباره من الموبقات، بل أفعال يحبها الله ورسوله.
أما عندما يقوم الطرف الآخر بهذه الأفعال فإن الدنيا تقوم ولا تقعد والتخوين يصبح سيد الموقف والكفر هو السلاح الحاضر للرد على كل المعارضين. فالمواقف السياسية والمظاهرات تقاس صحتها وخطئها وحلالها وحرامها بالقائمين بها، فمهما كانت مظاهرات التيار الإسلامى تحمل من أخطاء وتجاوزات فإنها حلال وصواب، أما الطرف الآخر فالمظاهرات حرام ويجب أن تواجه بالقوة ويقتص من أصحابها لأنهم يعطلون الاقتصاد ويثيرون المواطنين ضد الإسلاميين.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة