رمضان العباسى

اللعب بالأرقام فى قمح الإخوان

الأربعاء، 22 مايو 2013 10:59 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى ظل مسلسل الإحباطات والانكسارات والصراعات وحملات التمرد والتجرد التى تعيشها البلاد وانشغال الإخوان بالصراع مع القضاة والتيارات السياسية، أعلنت الحكومة على لسان رئيس الوزراء هشام قنديل، ووزير التموين باسم عودة، بأن مصر ستحقق الاكتفاء الذاتى من القمح هذا العام، وبعد عدة أيام تحدث الأشخاص أنفسهم عن اكتفاء ذاتى من القمح بنسبة 65%، فى تغيير تكتيكى للتلاعب بلغة الأرقام ومحاولة لتحقيق إنجاز نتمناه جميعا، ولكن نتمنى أن يكون هذا الإنجاز حقيقى على أرض الواقع، وليس إنجازا على شاكلة قرار الرئيس بإسقاط الديون عن المزراعين، فقد حاولت الحكومة إيهام الشعب بأن الإخوان وحكومة قنديل لديهما عصا سحرية وعقل وخزائن يوسف عليه السلام، لحل أزمة القمح فى وقت قياسى عبر التلاعب بالأرقام بدلاً من التوسع الحقيقى فى زراعة الصحراء ودعم الفلاحين.

فما ذكرته إيمان صادق، رئيس الحملة القومية للنهوض بمحصول القمح يكشف عن جهد كبير ومحاولة جيدة للحد من الفاقد، ولكن الأمر بعيد كل البعد عن ادعاءات حكومة قنديل وجماعة الإخوان بالاكتفاء الذاتى، فالحقيقة بالأرقام أن معدل استهلاك الفرد فى مصر من القمح على مدار السنوات الماضية كان فى حدود 180 كيلو جرام سنويا مما يعنى أن احتياجات مصر تصل إلى 15 مليون طن كان يتم استيراد نحو 50% منها ولكن الحكومة قررت أن تخفض معدل استهلاك الفرد من 180 كيلو إلى 120 كيلو على أكثر تقدير مما يعنى أن مصر تحتاج نحو 10-11 مليون طن وبذلك تنخفض نسبة الاستيراد وترتفع نسبة الإنتاج المحلى بعد حفض معدل الاستهلاك على الطريقة الإخوانية وترتفع نسبة الاكتفاء الذاتى، إلى نحو 65% وربما أكثر نتيجة لتعديل الأرقام وليس لزيادة حقيقية على أرض الواقع أو التوسع فى الزراعة.
للأسف لم تدرك الحكومة أن ارتفاع نصيب الفرد من استهلاك القمح فى مصر بالمقارنة بدول العالم، فلا يرجع إلى الإهمال وسوء التخزين وغياب الضمير وما تأكله العصافير فقط، بل لأن نسبة كبيرة من المصريين يغمسون العيش بالعيش فى ظل الفقر المدقع الذى تعانى منه الكثير من الأسر وعدم قدرتها على شراء الفواكه والخضار وباقى الأطعمة التى تسد جزءا كبيرا من حاجات البشر فى الدول الأخرى ولكن فى مصر لا يوجد سوى الخبز لإشباع هذه الحاجات، فالخبز لدى كثير من المصريين وجبة كاملة، لذلك يسميه المصريين "العيش" لآن الخبز هو عماد المعيشة.

لقد حاولت الحكومة جاهدة أن تسوق للناس هذا التعديل فى الأرقام على أنه حقائق وإنجازات، وواصلت كذبتها الكبرى بالادعاء بأن إنتاجية القمح للفدان الواحد وصلت فى بعض المناطق إلى 33 إردبا للفدان، علما أن إنتاجية الفدان على مستوى مصر بشهادة المهندسين الزراعين والفلاحين لم تتجاوز 22 إردبا للفدان فى أحسن الأحوال وأجود الأنواع، كما سقطت الحكومة فى نهر متلاطم بالتصريحات المتضاربة التى تكشف فقدانها للذاكرة، فقبل أيام قليلة تحدثت عن الخطر الذى يهدد أمن مصر الغذائى للأجيال القادمة والمتمثل فى تآكل الرقعة الزراعية بمعدل 1.1 فدان كل ساعة نتيجة البناء على الأرض الزراعية، وتأكيد الخبراء فى وزارة الزراعة ومراكز البحوث أن مصر فقدت أكثر من 30 ألف فدان من أجود الأراضى خلال الفترة الماضية.

كما ادعت الحكومة بأن المزارع لا يخسر فى الزراعات مهما كانت الأسباب دون أن تدرك أن هذا الادعاء لا يختلف عن ادعاء هشام قنديل، بأن مكتب الإرشاد لا يشكل الحكومة ولا يتدخل فى شئون البلاد، وأن رئيس الوزراء ليس"طرطورا"، فقد ادعت الحكومة أن 400 جنيه للإردب ذات الجودة العالية مكسب كبير للفلاح دون أن تدرك أن الحكومات السابقة كانت تتسلم القمح بهذا المبلغ عندما كان الجنيه المصرى يتمتع بشىء من العزة والكرامة، قبل أن يتعرض للذل والإهانة أمام الدولار ويفقد نسبة كبيرة من قيمته وقدرته الشرائية.

كنا نتمنى من الحكومة أن توضح الحقائق بالأرقام بدلاً من اللف والدوران والكف عن سياسة الخداع والتلاعب بعواطف الناس والعمل بشفافية بدلاً من تطبيق أساليب الأنظمة البالية وأن تكشف عن خطتها لدعم الفلاح، وتفى بالعهود التى قطعها الرئيس على نفسه أمام المصريين برفع الظلم عن الفلاحين وإسقاط الديون التى تقل عن 10 آلاف جنيه.

نتمنى أن تعلن الحكومة عن خطتها الحقيقية لزيادة زراعة وإنتاجية القمح وخاصة أن هذا الأمر ليس مستحيلا، بل يمكن تحقيقه بالإرادة عبر زراعة أكثر من 3 مليون فدان فى الساحل الشمالى على الأمطار، فلا تحتاج هذه الأراضى إلا للقضاء على الإقطاعيين الذين يسيطرون عليها رغم أنف الحكومة ومنحها لمستحقيها من الشاب بدلاً من تكديسهم فى وظائف وهمية تُحمل الدولة أعباء مالية لا طاقة لها بها.

كان يجب على الحكومة العمل من أجل التوسع فى تطبيق نظام الميكنة الزراعية الحديثة والاعتماد على التكنولوجيا لتخفيف الأعباء عن الفلاح ووضع حل لأزمة المبيدات ومعاناة الحصول على السولار ومأساة الأسمدة والكيماويات بدلاً من الاستخفاف بالشعب عبر التلاعب فى الأرقام من أجل إنجازات وهمية تضاف إلى مسلسل الانكسارات المصرية، وخاصة أن مصر ظلت منذ السبعينات وحتى الآن رهينة للكثير من المتغيرات الخارجية ومستسلمة للعديد من الابتزازات لضمان الحصول على الأقماح، فقد كان ولازال وسيظل الحصول على رغيف العيش ورقة ضغط سياسية واقتصادية، وجبهة خلفية للفاسدين للتلاعب فى قوت المواطنين.

نتمنى جميعا تحقيق الاكتفاء الذاتى الحقيقى من القمح وليس التستر خلف جهد وعرق الفلاح من أجل الصوت الانتخابى.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة