كما توقعنا هنا الأسبوع الماضى فقد بدأت فعاليات الصيف السياسى فى مصر ملتهبة، وانطلقت هذه المرة برؤى جديدة خارج أطر الصراع التقليدى بين «الإخوان» و«جبهة الإنقاذ»، بل تدور رحاها بين الشباب الثائر المفعم بالحماس، سعيًا لتعبئة الشارع ضد الرئيس مرسى ونظامه، لهذا أطلق النشطاء حملة بعنوان «تمرد» تستهدف سحب الثقة منه، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وأعلنوا جمع توقيعات مليونى مواطن حتى الآن، ويطمحون للمزيد، فى الجانب الآخر من المشهد نظرت جماعة الإخوان باستخفاف لهذا الحراك، ولو كان هكذا فلماذا اهتموا به، ودفعوا بحلفائهم من بقايا تنظيم «الجماعة الإسلامية» فى تحرك مضاد لحشد التأييد لمرسى، عبر حزبهم «البناء والتنمية» بإطلاق حملة «مؤيد» لدعمه شعبيًا، باعتباره «رئيسًا منتخبًا»، يقود مشروعًا إسلاميًا لـ«النهضة» التى كانت عنوان برنامجه الانتخابى.
إذن انتقلت المعارضة من الاحتجاجات والاعتصامات للعمل السياسى، وسقطت مكابرة الإخوان أمام إجراء مراكز بحثية مصرية وغربية لاستطلاعات رأى اتفقت نتائجها على تراجع شعبية مرسى ونظامه الذى تهيمن عليه جماعته ومن يصطف خلفها من «فلول الإسلام السياسى»، التى باتت تشكّل كيانات متعجرفة لا ترى فى مخالفيهم سوى «شرذمة من المخربين». ورغم تدهور الأوضاع المعيشية على شتى الأصعدة، لدرجة لا تتطلب خبراء لتقويمها، بل تكفى تقديرات رجل الشارع البسيط الذى راح يسخر من «النهضة» وطائرها وجناحيه، وسط مناخ يتسم بالفشل والانقسام والسخط الشعبى على نظام الإخوان. المثير فى الأمر أنه رغم تأييد بعض الفصائل المحسوبة على الإسلام السياسى للرئيس وعشيرته، فإن آخرين من السلفيين قدموا أوراق اعتمادهم لدى واشنطن عبر السفارة الأمريكية بصفتهم «بديلا ناجعًا» لفشل الإخوان، ولقاء أبوالفتوح بالسفيرة الأمريكية، الأمر الذى تزامن مع تصريحات نُسبت لوزير الخارجية الأمريكى التى قال فيها: «إنه وفقًا لما توافر لدى بلاده من معلومات، فلو كان هناك «ملاك حارس» لمرسى فلن يستمر بالحكم لأكثر من ستة شهور. بلغ المشهد السياسى فى مصر ذروة الارتباك، فرغم اللغة التى تبدو واثقة لنظام الحكم الإخوانى فإنهم فى مأزق حقيقى، فلم تعد تقنع البسطاء الوعود ولا الخطب المنبرية ولا الحيل السياسية ولا استخدام التنظيمات الإسلامية المنفلتة لقمع الشارع الذى طفح به الكيل، ولم تعد تنقصه سوى قشة «تمرد»، التى أحسب أنها ستقصم ظهر البعير.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة