قصة غرام الأب بالأم تشبه حكاية حب إليزابيث تايلور وريتشارد بيرتون.
وقع البطل أسيراً للإدمان ولم ينقذه غير عملية تغيير دم كاملة فى أوروبا، حكايات زواجه كانت تنقلها صفحات المجتمع وأحياناً صفحات الحوادث.
بطل حكايتنا هو ميم، وُلد فى فمه ملعقة من ذهب ابن ذكر وحيد لأبوين شهيرين فى مجتمع السبعينيات فى عالم المال والمجتمع. وحتى بعد أن رزق الله الأبوين بطفلة جميلة أخرى ظل الولد هو الولد والعصب وأول الفرحة، ونينى العين من جوة.
كانت قصة غرام الأب بالأم قصة تتناقلها المجتمعات المخملية وترددها فى لياليها وتشبهها بقصة حب إليزبيث تايلور وريتشارد بيرتون وخاصة بسبب الماسة الكبيرة النادرة التى كان الزوج أهداها لزوجته وتزين أصبعها وتجعل لعاب النساء يسيل غيرة منها، فما عرف المجتمع رجلا يحب زوجته كل هذا الحب حتى أن اسمها كان يزين لافتات شركاته وصورها، عائلة تبدو مثالية بكل معنى الكلمة، ولكن من قال إن الحياة تعطى نفس النتائج لنفس الأسباب؟!
دخل الولد والبنت أحسن المدارس ولبسا الحرير والذهب منذ نعومة الأظافر ولأن ميم كان نينى العين من جوه فأخذ من الحب حبتين زيادة ومن المال ثلاث أو خمس حبات وكانت مصر فى هذا الوقت مرتعاً جديداً لأنواع من المخدرات لم تكن تعرفها من قبل مثل الهيروين والأفيون، ومن يكون أفضل صيداً من الواد الحيلة أبو فلوس كتيرة لمثل تجار الكيف والمزاج!
فوقع ميم فى بدايات شبابه أسيراً للإدمان، ولأن المال لم يكن مشكلة فقد استمر وتمرمغ فى توهان الإدمان، وحين عرف الأب والأم بدا الخبر كالصاعقة رغم أنه فى مثل ظروفهما وتدليلهما لابنهما كان يجب أن يتوقعا ما حدث، مرضت الأم وداخ الأب السبع دوخات فى بلاد الشرق والغرب وراح ميم يخرج من مشكلة ليدخل فى أخرى، ثم أضاف إلى مشكلة إدمان المخدرات إدمان النساء فكما كان صيداً مثالياً لتجار المزاج صار صيداً مثالياً للنساء فى المجتمع الهاى وغيره ولم يسلم الأمر من فنانات من الصف الثانى وما يليه.
وكانت حكايات زواجه وطلاقه تتناقلها صفحات النميمة وجلسات المجتمع وأحيانا تصل إلى عناوين فى صفحات الحوادث حتى فى الصحف الرصينة.
ولأن بقاء الحال من المحال كطبيعة الحياة، غيب الموت الأم وكانت صدمة قاسية للزوج المحب الذى ارتبكت أعماله ورغم هذا لم تتآكل ثروته التى كانت كما يقولون مثل ثروة قارون ينوء بحمل مفاتيحها الرجال، وشعر الأب باقتراب أجله وزهده فى الحياة بعد موت المحبوبة فحاول علاج الولد الذى ما عاد ولدا وتم تغيير دمه بالكامل عدة مرات فى عملية مكلفة جدا وصعبة جدا مما ساعد إلى حد ما فى شفائه نوعاً ما وإن ظل مرتبطاً بأنواع من المخدرات أقل أثراً مثل الحشيش والخمر الذى صار ملازماً له وأحياناً بديلاً عن المرأة التى لم تحبه أبداً لذاته.
مات الأب رجل الأعمال الشهير وترك وراءه ثروة كبيرة تم توزيعها بين ميم والأخت الوحيدة التى سلكت مسلكا مختلفا عن أخيها وانفصلا تماماً فلم يعد هناك من رابطة تربط بينهما فهى بطلة لحكايات أخرى فى مجال آخر.
وفجأة وجد ميم نفسه فى أواخر الأربعينيات وحيداً بين قصوره وشركاته ينظر إلى الأنتيكات الثمينة التى تملأ جوانب قصوره أو كشف حسابه فى البنك ويتساءل لمن ستؤول كل هذه الأشياء، فرغم ثرائه الذى يغرى كثيرا من البنات والنساء بالتحلق حوله إلا أن سمعته فى لحظات جنونه كانت تخيف هاويات التقاط الثروات لأن الثمن الذى سيحصدونه من اصطياده سيكون أقل كثيراً من وقع الفضائح التى سيسببها لهن والتاريخ كان معلما لهن فيما يخص ميم.
غير أن الحياة علمتنا أن لكل قاعدة شواذ، وبالتالى فقد وجد ميم من المغامرات الباحثات عن اصطياد الثروات من الرجال فتاة فى منتصف العشرينيات، اسمها الأصلى اسم من الأسماء المصرية الشعبية ولكنها اتخذت لنفسها اسما آخر رقيقا عله يكون عنواناً جديداً وبعيداً عن حياتها وتاريخ أسرتها فى المنطقة الشعبية الفقيرة التى تربت فيها.
وكان لقاء ميم مع صيده الجديد أو صيدها الجديد فى أحد النوادى الصحية، حيث تعرفا وما كانت إلا أيام قليلة وتم زواجهما فقد رأى فيها حلم الولد فهى مازالت صغيرة ولديها ابنة من زواج لم يستمر طويلاً أى أنها بطن ولادة فبدا بالنسبة لى وللمحيطين به من أصدقاء وكأنه جزء من حكاية العمدة فى الزوجة التانية حين تزوج المرأة التى تستطيع أن تلد وكأن المشكلة فى البطن الولادة وليس فيما يجب أن يملأ تلك البطن حتى تلد.
مضت شهور ولم يحدث الحمل ورغم أن ثورة 25 يناير قد أثرت على أعماله كما أثرت على اقتصاد مصر كله بالسلب إلا أنه راح يسافر من بلد أوروبى لآخر بحثاً عن حل ليس لاقتصاد متداع ولكن لحياة يخاف أن تتداع دون أن يأتى الولد.
ثنائى حين تلتقيه تشعر بشجن وأسى على رغبات البشر حين تتعدى المكتوب وتريد أكثر مما منحها الله، هى تحلم بالثراء والمال الذى لم تعرف منه إلا القليل وحين يأتيها يكون مغموساً بالجنون والألم، وهو يحلم بالولد وحين يجد من تقبل بحمله لا يجد ما يحملها إياه حتى وهو يدور بها وبنفسه على عيادات مشاهير الأطباء فى الشرق والغرب.
ومن يدرى فمع نكبات البورصة والاقتصاد تكاد امبراطورية الرجل تتهاوى فمن يدرى إذا كانت لعبة القدر ستكمل معه عبثها فقد يأتى الولد ولكن لن يجد ميم ما يورثه إياه.
إنها لعبة القدر ورغم أنها تدور أمامنا ليل نهار إلا أننا لا نتعلم فمازال ميم يحلم ومازالت زوجته تنهل من ماله ومازالت البورصة تواصل خسائرها.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة