يعرف الوسط الصحفى ذلك المحرر المتواضع مهنياً، ومدى صلته بأمن الدولة فى عهد مبارك، ودرءاً لشبهة التشهير، لن أذكر اسمه ولو بالإشارة، لاعتبارات الزمالة، لكنى أوقن أنه لم يكن ينشر حرفاً دون العودة لمسؤول «قسم الفكر والإعلام» بأمن الدولة، وبالمناسبة فهذه الوقائع موثقة لدى الأجهزة، وأطرافها أحياء يرزقون. الآن تقلد المحرر منصبًا مهمًا بمؤسسة صحفية كبرى، وسبحان مقلب القلوب، فقد تحول «صاحبنا» لعرّاب لنظام «الإخوان»، ويمثل بأبناء المؤسسة باستبعادهم، بينما يستكتب شخصيات تلطخت أياديها بدماء الأبرياء. هذا الصحفى ليس حالة استثنائية، بل مجرد نموذج للمتحولين، فمثلا كان معظم التيار السلفى يرى الاشتغال بالسياسة «مفسدة»، ويكتفى رموزه بالدعوة والدعاء للحاكم، وهذا يمكن رصده بمئات المواقع الإلكترونية، لكن ما حدث إثر ابتلاء مصر بحكم الإخوان، أن تحول السلفيون لساسة ومحللين، وأسسوا أحزابًا وخاضوا انتخابات.
فى كل مفاصل الجهاز الإدارى للدولة، ستجد «متحولين» لا حصر لهم، وهذا الأمر على ما يبدو صار أحد مؤهلات البقاء والارتقاء، وهناك مجموعات بأسرها سلكت هذا النهج، كرجال الشرطة الملتحين الذين بدوا كمن هبط عليهم الوحى فجأة بعد الثورة، وبعض المضيفين الجويين، وصولا لقطاع التعليم الذى تغول الإخوان فيه لاعتبارات مفهومة. وبنسب لم تزل متواضعة والحمد لله، ستجد هؤلاء بمؤسسات سيادية كالقضاء والسلك الدبلوماسى وغيره، باستثناء الجيش الذى ظل «حجر عثرة» وسيبقى مستعصياً على محاولات الاختراق، لأنه مؤسسة وطنية جامعة لها تقاليدها الراسخة.
أما فى الإعلام الحكومى فحدث ولا حرج، ولا تصدق مزاعم وزير الإعلام ونفيه وجود «قوائم سوداء» يحظر استضافتها عبر شاشات التليفزيون الحكومى الفاشل، والدليل ببساطة يتمثل بشخصيات مرموقة، لم تكن يوماً ضمن منظومة حكم مبارك، ولا أعضاء بحزبه، ولم تتقلد أى منصب رسمى، بل على العكس طالما انتقدوا النظام فى مقالات ومقابلات موثقة. لكن الوزير الإخوانى يستبعدهم لسبب بسيط، هو أنهم يتبنون مواقف معارضة لجماعته.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة