فى 13 إبريل من العام 2011 كتبت فى هذا المكان مقالا بعنوان «مبارك فى الحبس.. صدق الله العظيم» معتبرا رؤيتى لمبارك وهو يلعب فى أنفه داخل القفص الحديدى آية من آيات الله العادل الحق، وبعد عامين بالتمام والكمال يشاء الله أن ينال مبارك البراءة فى تهمة قتل المتظاهرين، فهل تغير عدل الله؟ وهل يجوز لنا أن نعتبر هذا «الإفراج» عن مبارك ظلمًا؟
بالطبع لا، فاسم الله العدل، يغير ولا يتغير، الله عادل مهما اختلفت الأيام وتبدلت الظروف، الله كبير من فوق سبع سماوات يدبر ويشاء ونحن ننظر إلى أحكامه ومشيئته بعيوننا الضيقة، فنفرح حينا ونتعجب حينا ونحزن حينا، لكن إذا ما دققنا النظر لوجدنا أن حكم الله لا يتغير وعدله لا ينقص ولا يزيد، وهو فى كل الأحوال يعطينا على قدر عملنا ونياتنا وجلدنا وتعبنا، فما الذى حدث؟ وما الذى اختلف؟ وكيف يتحقق عدل الله فى حالتين يراها البعض مختلفتين؟
ما حدث، هو أن الله ما كان ليرضى بالظلم، فما فعله مبارك فى ثلاثين عاما فعله حكم الإخوان فى ثلاثمائة يوم، الظلم هو الظلم، والفساد هو الفساد، والتمييز بين أبناء الوطن الواحد هو ذات التمييز، واحتكار المناصب والنفوذ هو ذاته، والتهديد والوعيد هو ذاته، والتعذيب هو ذات التعذيب، بل أقذر وأعنف وأكثر وحشية وعلانية، والقتل هو القتل لا فرق بين سياسى أو صاحب رأى أو طفل أو شيخ، والتلون والكذب والنفاق هو ذاته، وزاد على كل هذا تفريط العصبة الحاكمة فى أبسط مفردات أمننا الوطنى، وزرع الفتن فى مؤسساتنا، نفس الدماء على القضبان تسيل، نفس الأرواح فى البحار تزهق، نفس الحزن يكتسى الوجوه بل أكثر، نفس الفقر يعتصر الأفئدة بل أقسى، نفس الأمراض تفتك بالأبدان بل أشرس، فكيف يحاسب واحد على جريمة وقد ارتكبها غيره دون أن يحاسب، وكيف يمكث فى السجن من قتل المتظاهرين بعد ثلاثين عاما من الحكم فى حين أن من نكل بالمتظاهرين قتلا واعتقالا وتعذيبا يجلس على كرسى الحكم المهيب.
يحقق الله العدالة بيده وبيد عباده، فعدل الله يتطلب أن يحاكم الاثنان أو يفرج عن الاثنين، وما دمنا لا نقدر على قول الحق عند سلطان جائر، ومادمنا لا نقوى على إقامة عدل الله على الدوام فلا معنى أن يظل واحد فى السجن لجرم ارتكبه، بينما ينعم آخر - كان مسجونا من قبل - بالحكم ومزاياه، هذا إن أردت أن تنظر إلى الأمر وفقا إلى نظرية العدل الإلهى، أما إذا أحببت أن تنظر إلى الأمر من خلال نظرية المؤامرة التى لا أفضلها، ولكنى أضطر إليها أحيانا، فقل إنه ربما كان لخروج مبارك من السجن شروط لا نعلمها تفصيلا، وإنما يمكن أن نستشفها ونستنتجها، وربما يكون قد حدثت مفاوضات وضعت فيها جرائم مرسى أمام جرائم مبارك، وكان الحل هو أن يحاكم الاثنان أو لا يحاكم الاثنان، فتم اختيار الخيار الثانى، كل هذا يحدث فى غيبة من الشعب والثوار، وكما أنه ليس على الغائب حرج، فكذلك ليس لصراخه مكان
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة