نبيل شرف الدين

خريف الأقباط

السبت، 13 أبريل 2013 11:48 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«مذبحة الخصوص» وما أعقبها من تداعيات وعدوان دموى سافر على الكاتدرائية، ليست بالطبع كما يصورها أنصار الإسلام السياسى مجرد «حادث فردى»، وهى أيضا ليست مجرد حلقة ضمن سلسلة اعتداءات على الأقباط، لكنها واقعة نوعية لها دلالات أبعد من كل هذا، يمكن اختزالها على النحو التالى: أنها أول اختبار للبطريرك الجديد، وقياس رد فعله وكيفية تعامله مع الواقع الجديد فى مصر. أنها قد تفرز جيلا جديدا من الشباب القبطى الذى لم يعد يقنع بما تمليه عليه الكنيسة من مواقف. أنها «واقعة كاشفة» تظهر هشاشة دولة الإخوان، وربما تواطؤها عن حماية مواطنيها. أنها أحد تجليات «الاقتتال الأهلى» وتهيئة المسرح للأسوأ.

ويسود اعتقاد بأن المصريين كان لابد أن يجربوا الحكم الدينى، حتى يحسموا أمرهم حيال هذا النموذج، فليس بوسعنا «حرق المراحل»، وكلُ تقدمٍ ناجزٍ فى تاريخ كل الأمم مرّ بهذه المرحلة، واكتوت أجيال بنارها قبل أن تُستبعد المعتقدات عن شؤون الحكم والسياسة. ولنعترف أن الرؤى المتعصبة ضربت الطبقة الوسطى، وعززتها الأزمات الاقتصادية والفساد وفشل الأنظمة الشمولى وغيرها، فضلاً عن دعم هائل من هنا وهناك للإسلام السياسى، الذى يحرث الأرض أمام جيل جديد سيكون أكثر عدوانية فيما يعرف بمرحلة الـ«Post Salafism» أو«ما بعد السلفية». الخطورة أن المشكلة تجاوزت النظام البائد، لتصبح جزءاً من الثقافة الشعبية الشائعة التى ينبغى أن نعترف بصراحة أنها باتت تجنح للتعصب، ولا مفر أيضاً من الاعتراف بأن اللحظة الراهنة «ربيع السلفية» التى أحسب أن مفاهيمها لم تعد حكراً على أعضاء التنظيمات المتأسلمة فحسب، بل امتدت للمسلم العادى الذى لا ينتمى لأية تنظيمات، فقد تسللت للجهاز العصبى للمجتمع.

وبالتالى علينا أن نقر دون مكابرة بأن القاهرة باتت واحدة من عواصم الراديكالية الإسلامية وأمست معادية لثقافة المتوسط، رغم أن المتوسطية كانت منذ فجر التاريخ رافداً مهماً من روافد الثقافة المصرية.

بدأ نظام القطبيين الحكم بإثارة قضايا كنا نحسبها حسمت لكن كان دائماً من يزايد بدرجة أعلى من التشدد مستنداً فى ذلك للفهم الظاهرى للنص، وهكذا من تشدد لتشدد، إن «مذبحة الخصوص» وتداعياتها مجرد «بروفة» لسلسلة متوقعة من إرهاب الأقباط ليأتى يوم نقول فيه: «كان هنا أقباط»، فهناك موجة واسعة للهجرة، سواء للخارج، أو للداخل داخل «جيتو» يعمق الشعور بالاغتراب.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة