لا يحتاج الأمر لذكاء خارق لمراقبة لغة الرئيس مرسى ليدرك أنه يفرط فى استخدام عبارات ومفردات بعينها، منها «الأصابع»، ففى كلمته الأخيرة التى اتسمت بالعصبية، وحملت تهديدات واتهامات لأشخاص بعينهم، وقال إن هناك أصبعين أو ثلاثة تلعب فى مصر، وأنه سيقطعها، وهو ما فتح شهية البعض لمقارنته بخطاب الرئيس الراحل أنور السادات قبيل اغتياله، والقواسم المشتركة فى العصبية والتلويح باللجوء لإجراءات استثنائية.
فى قطر ألقى مرسى كلمة أمام مؤتمر القمة العربية امتدت نحو ساعة أفرط خلالها فى استخدام كلمة «الأصابع»، وهو ما يشى بقدر واضح من الارتباك والتوجس، كما يقول خبراء «لغة الجسد»، فالرجل البسيط «الطيب» الذى يصفه من عاصروه فى الجامعة والجماعة، يتحول لشراسة لم تعهد عنه، فهناك إجماع على بساطته الريفية وميله الفطرى للطاعة والسلوك التقليدى، وخياله المتواضع، فجأة يكشر عن أنيابه، وهو ما يتطلب تفسيرات سلوكية وسياسية.
وسياسيا هناك إجماع على أن مصر لم تكن طيلة تاريخها المعاصر منقسمة كما يحدث الآن، ولا يبدو فى الأفق أى بادرة للتوافق بين القوى السياسية، وهو ما لا يلقى له مرسى وعشيرته اهتماما، فهم ماضون فى مخططهم، حتى دعوات الحوار ليست أكثر من «إبراء ذمة»، فالحوار الذى يضع طرف واحد قواعده وبنوده ويحدد طريقة إدارته، هو نوع من «الإذعان» الذى يرفضه الشارع قبل الساسة، ولا يقبله إلا جوقة الانتهازيين. نعود للأصابع التى سبق أن قال عنها مرسى إنها تعبث بالبلاد والعباد، لكنه لم يشأ أن يسميها صراحة لأسباب يعلمها الله تعالى، والضالعون فى «الاتحادية» و«المقطم»، وتبدو كأنها «شفرة سرية» يريد أن يبعث بها رسالة ما لأشخاص أو كيانات ما، لندخل فى نفق لا يتقنه المحللون السياسيون، بل العرافون وقراء الطالع والمنجمون.
فخامة الرئيس: اسمعها منى مخلصة لوجه الله والوطن، لديك ما يكفى من الخصوم السياسيين، وهؤلاء لا تلق لهم بالا، فهم لن يفعلوا أكثر من انتقادك بمقال هنا أو مقابلة هناك، أما الخطر الحقيقى عليك فهو لصيق بك، هناك مثل صينى يقول: «أكثر الأماكن إظلاما أسفل المصباح مباشرة»، فانتبه يا رئيس كل المصريين لمن يوسوسون لك بأن تكشر عن أنيابك، فلست ذلك الرجل، وليس ذلك الشعب، ولا هذه المرحلة التى تحتاج مصر فيها للأنياب والأصابع، بل لتحرى الحكمة للخروج من المأزق الراهن، فالشعب تغير والزمن تغير وفخامتك أيضا تغيرت، أما ما لم يتغير فهو الاستبداد والتلويح بالتنكيل بالخصوم وفرض القيود.. وهذه بداية النهاية، والله غالب على أمره.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة