للمرة الأولى منذ أن حكم الإخوان مصر فعلياً منذ يناير الماضى، حينما شكلوا أغلبية فى مجلس الشعب، أتمنى أن يظل الإخوان فى الحكم مدة أطول، نعم.. إننى أتمنى من كل قلبى أن يظل الدكتور محمد مرسى فى الحكم حتى يظهر كل ما يخفيه من حيل ومخططات يحفظها جيداً. وأتمنى أن يظل الشاطر على شطارته، وبديع على بديعيته، والبلتاجى على بلتاجيته، والعريان على عريانيته. وأتمنى أيضاً أن تظل ميليشيات أبوإسماعيل على حالتها المستفزة تلك، وأتمنى أن يظل «أبضايات» الجماعة على تجبرهم وتكبرهم ولزوجتهم المعهودة، كما أتمنى أن ينتهى الصراع السياسى القائم الآن فى أقرب فرصة حتى يصبح الإخوان فى مواجهة مباشرة مع الشعب، ووقتها سيعرف الإخوان أن كل الانتقادات التى وجهناها لهم كانت من أجل مصلحتهم، وكل التحذيرات التى حذرناهم منها كانت من أجل إقامة «وطن» أصروا أن يجعلوه «عزبة»، فخرجوا من بوابة التاريخ المصرى تلاحقهم اللعنات من كل حدب وصوب. أكاد أرى حسن البنا باكياً فى قبره، صائحاً فى كائنات مكتب الإرشاد، ومجلس شورى الجماعة «لستم إخواناً ولستم مسلمين»، وأكاد أرى الشيخ محمد الغزالى وهو يلوم نفسه على تراجعه عن تأكيده على أن الجماعة الماسونية اخترقت جماعة الإخوان منذ قتل حسن البنا، وأكاد أرى سيد قطب وهو يقول: «ما كان يجب أن أضحى بحياتى الغالية من أجل هؤلاء»، فقد شوّه الإخوان الآن تاريخ الجماعة بشقيه، الحسن والقبيح، فلا عاقل الآن يعتقد أن الإخوان جماعة إصلاحية أو دعوية، أو أنهم كما يدعون يحملون الخير لمصر بعد أن ظهرت نواياهم الاستبدادية البغيضة، وأيضاً لا أحد يعتقد الآن أن الإخوان «منظمون» أو «أقوياء» أو «أشداء» كما كانوا يروجون عن أنفسهم بعدما اتضح مدى ضعفهم أمام شباب الثورة. ولأنهم يتميزون بالغباء السياسى النادر فقد فوتوا على أنفسهم فرصة إيهام الناس بالقوة، وكان بإمكانهم أن يتمادوا فى خداع الناس أكثر وأكثر إذا ما ظهروا فى ثوب «الكبير المتسامح» الذى يقدر قوته، ويعرف ضعف خصمه، متحليا بفضيلة «العفو عند المقدرة»، لكنّ غباءهم أعماهم عن هذه الحيلة، فشحنوا أنصارهم وأعلنوا النفير العام، وأعدوا العدة للقضاء على النشطاء الذى أعلنوا عن تظاهرهم أمام مكتب الإرشاد فكان الخذلان من نصيبهم، وكانت الهزيمة حليفتهم، وكان التنكيل بانتظارهم، ولهذا فليس من حقهم أن يبكوا ويتباكوا على ما حدث لهم فى المقطم أو فى الاتحادية أو فى الإسكندرية، لأنهم ارتضوا بقانون الغاب، وفرحوا بدخولهم عصر البلطجة، وليس من حق من حمل السلاح واعتدى وقتل وسحل وعذب ضاربا بدولة القانون عرض الحائط أن يستجير بالقانون إذا ما ظهرت وضاعته، وانكشف ضعفه فى حلبة المنافسة.
ليس لدى شك فى أن أيام الإخوان صارت معدودة، فقد حرم الله الظلم على نفسه، وتوعد من يحتال على الناس باسمه بالهزيمة والخذلان، لكنى أتمنى بعد أن كشر مرسى عن أنيابه بإعلانه حبس النشطاء والمعارضين، واستعمال النيابة العامة فى تحقيق أغراضه، أن يستمر حكمه أكثر وأكثر، وأن يصبح السواد الذى نحيا فيه أعمق وأعمق، فليس بعد الظلمة الحالكة إلا الفجر الساطع، فهنيئا لنا فجرنا، وهنيئا لهم تلك اللافتة التى سيحملونها مخلدين فى التاريخ كآخر عصبة من سلالة الإخوان.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة