دفنت شخصيات سورية بارزة جثمان رجل دين مؤيد للحكومة محمد البوطى فى العاصمة دمشق أمس، السبت، فى موقع إلى جوار قبر القائد المسلم الشهير صلاح الدين الأيوبى، ما أثار غضبا بين نشطاء المعارضة.
وقتل البوطى الإمام الذى عينته الحكومة للمسجد الأموى الأثرى، مساء الخميس، فى تفجير استهدف مسجدا فى نفس الحى، أسفر عن مقتل 49 شخصا آخرين على الأقل.
وكان البوطى (84 عاما) يعتبر من العلماء البارزين وله مكانته فى العالم العربى لكنه أصبح محل جدل عندما أعلن التأييد للرئيس السورى بشار الأسد فى الانتفاضة التى تشهدها سوريا منذ عامين.
ووصف فى إحدى خطبه معارضى الأسد بأنهم "حثالة"، كما دعا فى آخر خطبتين له إلى نفير عام للانضمام إلى الجيش السورى لقتال المعارضة المسلحة.
ودفن مسئولون سوريون البوطى فى مكان بجوار مقبرة صلاح الدين القائد المسلح الذى قاتل الحملات الصليبية فى القرن الثانى عشر.
وأزعج قرار دفنه فى هذا المكان المعارضة التى يقودها السنة ضد الأسد الذى ينتمى للطائفة العلوية التى تهيمن على الحياة السياسية فى سوريا منذ أكثر من أربعة عقود.
وتسببت الجنازة التى شيعت وسط حراسة أمنية مشددة فى إغلاق الشوارع واختناقات مرورية فى أنحاء دمشق، وسلطت الضوء على الانقسامات السياسية التى سببها الصراع فى سوريا، وتحولت الانتفاضة التى بدأت باحتجاجات سلمية إلى حرب وحشية أودت بحياة أكثر من 70 ألف شخص.
واعتبر نشطاء المعارضة البوطى- وهو سنى- واجهة لحكومة الأسد بهدف كسب الشرعية بين السنة.
وصعدت الجماعات السنية المتشددة إلى الصفوف الأولى لحركة المعارضة المسلحة على مدى العام المنصرم، وهو ما استغله الأسد فى تبرير اتهاماته السابقة بأن الانتفاضة ليست سوى مؤامرة "إرهابية".
والمسجد الأموى مركز للعلوم الإسلامية التقليدية وظل رمزا "للنهج الوسطى" للإسلام، ونصبت حكومة الأسد نفسها منذ بداية الانتفاضة حامية لذلك "النهج الوسطى".
وأعرب نشطاء معارضون عن غضبهم على شبكات التواصل الاجتماعى بسبب قرار دفن البوطى إلى جوار قبر صلاح الدين.
وقال وليد الاكرت، فى حسابه على توتير، إن دفن البوطى إلى جوار صلاح الدين "إهانة متعمدة".
وكتب ناشط آخر يدخل إلى الشبكات الاجتماعية باسم (سوريا مباشر) يطلب من صلاح الدين أن يسامح السوريين على دفن البوطى إلى جواره.
وأظهر مقطع مصور من الجنازة بث على الهواء على شاشات التلفزيون الحكومى حشودا من الرجال يحملون النعش الملفوف بالقماش الأبيض إلى داخل المسجد.
واغتيل البوطى يوم الخميس أثناء تقديمه محاضرته الأسبوعية فى مسجد فى وسط دمشق فى هجوم وصفته وسائل الإعلام الحكومية بأنه "تفجير انتحارى إرهابى".
ونفت جماعات المعارضة المسئولية عن التفجير، وقالت إنها لا يمكن أن تهاجم مسجدا.
وقبل البوطى كان معاذ الخطيب- الرئيس الحالى للائتلاف الوطنى السورى المعارض- إمام المسجد الأموى، وعزل الخطيب من منصبه وزج به فى السجن فى 2011 عندما أعرب عن تأييده للاحتجاجات ثم نفى فى وقت لاحق إلى خارج البلاد.
وقال الخطيب، فى بيان فى صفحته على فيس بوك، إن النظام السورى هو الذى قتل البوطى، لكنه أكد أيضا على ضرورة التوقف عن الهجوم على دور العبادة ورجال الدين على الرغم من الخلافات السياسية مع المعارضة.
وقال "قتل الدكتور البوطى هو جريمة بكل معنى الكلمة، وأن علماء بلاد الشام طالما اختلفوا فى رؤيتهم للأمور ولكن لم يبلغ بهم الأمر أن يستبيحوا دماء المسلمين، فضلا عن أهل العلم فيهم أو أن يرضوا باستباحة حرمات المساجد أو يرضوا بقتل المدنيين وما كان بينهم من الأخلاق رغم اختلافهم شىء مشهود به".
وقام مفتى سوريا أحمد حسون، الذى أصدر فتوى فى وقت سابق هذا الشهر تدعو السوريين إلى التطوع فى الجيش السورى- بإلقاء كلمة رثاء فى جنازة البوطى، وقتلت المعارضة السورية المسلحة نجل حسون فى أواخر 2011.
دفن "البوطى" إلى جوار قبر صلاح الدين الأيوبى أثار غضب المعارضة
الأحد، 24 مارس 2013 02:39 ص
محمد البوطى
دمشق (رويترز)
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة