إذا كنت من الذين يمرون على الطريق الدائرى ليلاً، فسيلفت نظرك بقعة مضيئة مثل النهار عند مدخل التجمع الخامس، فإذا كنت من أصحاب الفضول ستعرف بسهولة أن هذه المساحة الضخمة التى تفرش نورها الساطع على قطعة كبيرة من الأرض ما هى إلى مدينة جديدة اسمها (كايرو فيستيفال سيتى )، تضم مراكز تسوق ومحلات ومطاعم وشركات، وقد صممت على غرار (دبى فيستيفال سيتى )، حيث إن شركة الفطيم الإماراتية هى التى تملك المدينتين.
حتى هنا.. لا توجد مشكلة.. أليس كذلك؟ لكن اصبر قليلاً لأكمل لك، لأن المأساة تكمن فى المفارقة المذهلة بين إضاءة الطريق الدائرى – ظلامه إن شئت الدقة – وبين النور الباهر الذى تسبح فى حريره تلك المدينة الجديدة التى افتتحت يوم 26 نوفمبر الفائت.
ما من راكب أو سائق إلا ويعتريه النكد عند عبوره الطريق الدائرى، فالذين صمموه ونفذوه يستحقون المحاكمة والعقاب القاسى لما اقترفوه فى حق هذا الشعب الطيب، فالطريق غير معد بما يكفى، ولا يوجد به كيلو متر واحد مرصوف بشكل جيد ومستوى، فضلاً عن إضاءته التعسة – المعتمة بتعبير أدق – ناهيك عن أعمدة النور المطفأة وفوضى الشاحنات والميكروباصات التى تهدد حياة الآلاف من الذين يتخذون من هذا الطريق البائس سبيلاً إلى مبتغاهم!
أما (كايرو فيستيفال سيتى) فتنعم بطرق مستوية.. ناعمة.. منضبطة التصميم والتخطيط.. ذات إضاءة عالية وكافية تسمح (للأعمى بأن يرى)! وهذا ليس غريبًا على دبى وأهلها، وقد أقمت فى تلك المدينة الفريدة نحو 14 عامًا، فرأيت كيف ينظمون المدينة تنظيمًا بديعًا من حيث اتساع الشوارع وانضباط المرور وشيوع النظافة والاهتمام بالحدائق العامة إلى آخر ما يجب أن تتصف به المدينة الحديثة.
إن أكبر جريمة اقترفها مبارك فى حقنا نحن المصريين تتمثل فى تحطيمه لفضيلة إتقان العمل، وتدميره لقيمة الجدية والالتزام، وتخريبه لمشاعر إنسانية رقيقة ورفيعة كنا نتصف بها فى الزمن الخالى، فهل نطمع فى أن يعيد الدستور الجديد لمصرنا الحبيبة بعض رونقها الذى زال بفعل حكام أوباش؟ أم أننا سنظل نطالب المسئولين عندنا أن يأخذوا الحكمة المرورية من دبى؟ وأن يتعلموا منها كيف تُبنى المدن وتُرصف الشوارع وتُضاء؟
ويا حكومة الببلاوى.. اذهبى إلى (كايرو فيستيفال سيتى).. وتعلمى!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة