جمال أسعد

باسم وحالة الاغتراب السياسى

الثلاثاء، 05 نوفمبر 2013 11:06 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا أحد ينكر تلك الحالة التى تعيشها البلاد الآن منذ 25 يناير، والتى يسيطر عليها ظلال استقطاب سياسى حاد طال الجميع بدون استثناء، فمن يكفر الآخر دينياً، ومن يخوّن من يختلف معه وطنياً، الشىء الذى جعل كل طرف سياسى بل كل مواطن متابعا للمشهد السياسى يعتبر رأيه الأصوب، وفكره الأصح، بل انتابت الجميع حالة الإحساس بأن كلا منهم يمتلك الحقيقة المطلقة التى تلغى الحوار وترفض الآخر، وفى هذا الجو وذلك المناخ يظهر الفلاسفة والمنظرون والمحللون أصحاب النظرة المطلقة للأمور، وغير المدركين للواقع السياسى وغير القادرين على توصيف الواقع توصيفا صحيحا حتى يمكن التعامل معه بواقعية لا تستسلم له ولكن لتغيره للأحسن وللأفضل نراهم يتحدثون عن الحرية بشكل مطلق وفى إطار خيالى، وكأن هذه الحرية يمارسها شعب حر يمارس حريته دون محاذير يتمتع بأنظمة سياسية تقدر الحرية وتمارس الديمقراطية وتلتزم بتداول السلطة ولا يدرون أن هذا الشعب كم عانى من القهر وكم احتمل من الاستبداد، ولهذا ثار على حكامه بشكل غير مسبوق وأسقط حكمين فى أقل من ثلاث سنوات، ولأن جرعة الحرية جاءت بعد يناير نتيجة للفوضى التى بدأت فى 28 يناير 2011، والتى أسقطت معها هيبة الدولة، تلك الهيبة التى مازالت فى إطار الاسترداد، فكان طبيعيًا أن تتداخل الخيوط بين ما هو حرية وما هو فوضى، ولذا فقد أصبحت حالة الاستقطاب هذه التى بدأت تتأسس منذ استفتاء مارس 2011 هى سيدة الموقف، وأصبحت الحرية هى أن أمارس حقى فى النقد ولا أسمح للآخر أن ينتقدنى، فى هذا الجو ظهر باسم يوسف ببرنامجه الساخر الذى لا يضيف إلى قيم الحرية شيئًا، بل ساهم فى تكريس حالة فوضى الحرية، إذا جاز التعبير، فكان من الطبيعى، وفى ظل رأى عام يرفض مرسى ونظامه، أن يتعاطف مع باسم ويستحسنه، فى مقابل طرف مرسى ونظامه الذين كانوا يهاجمون باسم بل كانوا يحتقرونه، وعلى هذا الأساس وبعد سقوط مرسى وقد أصبح هناك رأى عام مع من هم فى السلطة الآن بديلاً لمرسى الذى أسقطوه أن يرفض هذا الرأى العام أى نقد يوجه لمن هم فى السلطة الآن، مع العلم أن أتباع مرسى ستجدهم متعاطفين مع باسم فى مواجهة تلك الهجمة الحادثة الآن ضده، فهذه هى طبيعة المشهد السياسى الذى لا نستطيع أن نفصله عن ممارسة الحرية وقبول الآخر وتقبل النقد كطريق للتقويم والتصحيح، ولذا لا نستطيع أن نقول إن باسم له موقف فكرى أو رؤية سياسية تجاه الواقع بقدر ما يسخّر تناقضات هذا الواقع لاستغلاله فى تكبير الصورة حتى يمارس سخريته ويقدم برنامجه ويدعى ثوريته، والغريب فى الأمر أن تلك الهجمة وذلك الاهتمام غير العادى بباسم وحلقته وبرنامجه الشىء الذى يؤكد حالة الاغتراب السياسى التى يعيشها الجميع حكاماً ومحكومين ونخبة، هذا الاهتمام الإعلامى بباسم وكأننا نعيش حالة من الاستقرار السياسى والرغد الاقتصادى ولا نتحمل الفائض من الأمن والأمان وكأن الدنيا ربيع والجو بديع فلم نجد ما نهتم به غير باسم.. ومع ذلك فنحن ضد وقف البرنامج ليس حبًا فيه أو فى هذا الباسم، فلست من مشاهديه لا فى عهد مرسى ولا الآن. لأنى أعتبر مثل هذه البرامج هى نوع من تستطيح الوعى وتغريب الفكر بعيداً عن الواقع وكأن باسم يقوم بدور الجماهير فى مواجهة الفساد، وهنا نريد أن نعرف هل الإيقاف من القناة حفاظاً على مصالحها التى تعنيها بعيداً عن حرية الرأى؟ أم أن هذا نتيجة لأوامر فوقية - كما ردد البعض - نتمنى ألا تكون هناك أوامر، فهذا خطر شديد لا نقبله مهما كان الرأى فى باسم.. لنمارس الحرية لنا وللآخر كحق مطلق دون قيد، وحتى تظل مصر لكل المصريين.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة