وائل السمرى

شرف القضاة بين الندب والتطميع

الإثنين، 04 نوفمبر 2013 09:56 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان مضمون البيان الذى أصدره قضاة مجلس الدولة لافتًا، فقضاة المجلس أرادوا أن يدافعوا عن أنفسهم أمام هجوم أعضاء النيابة الإدارية الذين اتهموهم بأنهم يعملون مستشارين إداريين فى الوزارات والمصالح الحكومية، وهو الأمر الذى يقدح فى نزاهتهم واستقلالهم أمام الشعب، لكن قضاة مجلس الدولة دافعوا عن أنفسهم قائلين إن نسبة القضاة العاملين فى الوزارات والمصالح لا تتعدى الـ%10، وأن من بين 2800 قاض فى المجلس يعمل ما يقرب من 280 قاضيًا فحسب كمستشاريين قانونيين فى الحكومة، وهذه النسبة من وجهة نظر القضاة «قليلة» بالمقارنة بنسبتها فى الهيئات القضائية الأخرى، ثم قال البيان إن المجلس سبق وأن طالب بإلغاء ندب القضاة إلى المصالح الحكومية تماما بنص دستورى، سواء من بين أعضاء «مجلس الدولة» أو من بقية الهيئات القضائية، بما يكفل للقضاء حياديته ونزاهته وكرامته، لكن هذا الأمر لم يقنع واضعى دستور «الإخوان» المعطل ولم يستجيبوا لطلب المجلس، والسبب فى هذا من وجهة نظرى أن الإخوان كانوا يريدون مكافأة بعض القضاة الذين عملوا معهم وساندوهم، والآن وقد زال حكم الإخوان فلماذا لم تزل موادهم المشبوهة؟
من وجهة نظرى أنا ضد عمل المستشارين فى الهيئات الحكومية ليس أكثر من «رشوة مقنعة» فكيف لقاض من المفترض أن يحكم بين الناس بحيادية ونزاهة أن يعمل لدى وزير فى الصباح، ثم يذهب إلى بيته لينظر فى قضية تختصم هذا الوزير؟ ولا أعرف كيف قبل المجتمع المصرى هذه الازدواجية الرهيبة الفاسدة؟ وكيف انفرد قضاة مصر بهذا الوضع الغريب عن قضاة العالم كله، والأمر لا يخص قضاة مجلس الدولة وحدهم بالطبع، وإن كانت خطورة هذه الظاهرة تتجلى أكثر ما تتجلى فى حالة مجلس الدولة، لكنه أيضا يخص بقية أعضاء الهيئات القضائية، فكثير من المستشارين الذين يعملون فى الهيئات القضائية المختلفة ينتدبون للعمل فى الحكومة، وهو الأمر الذى يؤثر فى نزاهتهم المهنية ، فقضاة العالم «المحترم» يفترض أن يكونوا مستقلين عن أى سلطة واستقلالهم هذا هو الداعم الأول لثقة المواطن فى أحكامهم، ولك أن تعرف أن هناك العديد من القضاة الذين كانوا يعملون فى الهيئات والمصالح الحكومية حتى من خارج قضاة مجلس الدولة، ثم حكموا فى قضايا شهيرة كان رئيسهم فى العمل متهم بالفساد بسبب اتفاقيات أو قرارات حملت توقيعهم بالموافقة، وفى حالات أخرى ينظر القاضى إلى أوراق قضية ما فيجد أن القرارات محل النزاع مزيلة بتوقيع أستاذه أو رئيسهم أو زميله فى الهيئة القضائية، وهو الأمر الذى له أكبر الأثر فى حرج القاضى وحكمه.

الآن أضم صوتى إلى صوت قضاة مجلس الدولة فى ضرورة إلغاء ندب القضاة إلى المصالح الحكومية، كما أريد من لجنة الخمسين أن تمنع عمل القضاة فى الحكومة حتى بعد خروجهم إلى المعاش، فالوسط القضائى يمتلئ بالكثير من الحالات التى شهدت تعيين بعض القضاة فى مناصب حكومية بعد حكمهم لصالح الدولة فى العديد من القضايا الشهيرة أو إسدائهم لخدمة «ما» للحكومة، بالإشراف على انتخابات أو تمرير تعديل فى قانون، ولو لم تمنع «لجنة الخمسين» هذا العبث القضائى البشع، فسيكون من العيب أن نتحدث عن «الثورة» أو نأمل فى بناء «دولة».








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة