دون لف أو دوران لا يصلح رئيساً لمصر فى السنوات القادمة سوى الفريق عبدالفتاح السيسى، لسببين رئيسيين، الأول: لا يوجد على الساحة مرشحون يمكن الاختيار بينهم ولن يسمح الوقت بإعادة اكتشاف جدد، والأسماء المتداولة إما بقايا الانتخابات الماضية وأكلت عليهم الأحداث وشربت، أو من جنرالات الزمن الضائع الذين يريدون اقتناص انتصار لم يشاركوا فيه، ومثل هؤلاء لا يصلحون للحكم ولا المعارضة.. بأمارة إيه - مثلا - يطرح سامى عنان نفسه رئيسا بينما الأفضل له أن يدخل كهف الصمت والنسيان مع مشيره، ولا يؤلب على نفسه ومن كانوا معه المواجع التى تفتح عليهم بوابة جهنم، وليحمد الله أن السيسى رجل أصيل ويصون قواعد الشرف والعسكرية والأخلاق والعيش والملح، ولم يفعل فيهما كما فعلا فى مبارك، وسبحان الذى له الملك فقد رأيت بأم عينى، ملاحم التزلف والتقرب والتودد من مبارك حين كان رئيساً، وكيف كانت القسوة والجحود بعد زوال السلطة عنه.
دعكم من اللعب على العواطف بمرثيات البكاء على حكم العسكر، ودموع الذئاب على الديمقراطية الخائفة من البيادة والدبابة، فتلك فزاعة يستدعيها أصحاب المصالح للترهيب، ويذكرون محاسنها للترغيب، ولو رصدنا مجمل المواقف والتصريحات، فالإخوان حين كانوا فى السلطة وخططوا لأن يكون العسكر ذراعهم الباطشة، امتدح رئيسهم المعزول السيسى والعسكر، والآن يعلنون عليهم الحرب المجنونة، وكأن العسكر تحولوا من ملائكة لشياطين، ومن حماة الديمقراطية إلى قاتليها، مع أن العسكر هم العسكر لم يتغيروا أو يتبدلوا ورسالتهم المعلنة هى حماية إرادة المصريين، وتأمين المتظاهرين السلميين ضد أعمال العنف والقتل والتخريب والترويع، والمضى قدماً فى خارطة المستقبل، لاجتياز هذه المرحلة الأكثر خطورة فى تاريخ مصر. ودعكم من مبادرات الصلح الإخوانية الزائفة التى يروّج لها المرجوفون على مستقبل مصر، فهى أقرب إلى هدنة اليهود فى حرب 48، والهدف منها عرقلة خارطة المستقبل وإفشالها، والتقاط الإخوان للأنفاس، وتضميد الجراح ووقف النزيف، ثم عودتهم لمعركة الشرعية الكاذبة، وتحرير الرئيس المعزول، وبدء الجولة الثانية فى مخطط الفوضى والتظاهر والهجوم على الجيش والشرطة وتقويض أركان الدولة، ولا أدرى كيف يبتلع مسؤولون كبار فى الدولة هذا الطعم القاتل، الذى يسرى فى عروق الوطن كله، حتى لو تصوروا أنه يضمن لهم السلامة إذا عاد الإخوان، وأقول لهؤلاء «خلاص اتحسبت عليكم مهما فعلتم»، وستكون رؤوسكم فى أول مجموعة تستقبلها أعواد المشانق، ومن يشكك فى ذلك فعليه أن يسترجع دروس التاريخ، لينقذ نفسه ومستقبل بلده وشعبه.
السيسى ومعه الجيش والشعب هم بوابة العبور إلى المستقبل الآمن المطمئن، لأن الصورة فى ذهن هؤلاء شديدة الوضوح.. فالسيسى حين يصبح رئيسا لن يهادن الخونة والمتآمرين، ولن يساوم المخادعين والمناورين، وبينه وبين الإخوان «دم» لا يمكن التصالح عليه، لن ينسى لهم خيانتهم ولن يغفروا له ما فعله بهم، ومصر تحتاج رئيسا بهذه المواصفات يستكمل عملية التطهير والتحرير.. والجيش يعيش فى جسد الوطن كالضمير، لا ينحرف عن مهمته المقدسة فى الذود عن الأرض وحماية الشعب.. والشعب يتطلع للأمل والمستقبل والحياة، ويريد أن يحيا بكرامة وعزة وبحبوحة العيش.. ومصر لا تنتعش ولا تعلو قامتها وهامتها إلا إذا حكمها رئيس قوى، يحبه الناس ويقفون فى ظهره.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة