اتساقا مع دور الكنيسة التاريخى والوطنى الذى دائماً ما يعلى المصلحة العليا والجماعية لمصر وللمصريين، وامتداداً لذلك الموقف الوطنى للقوى الوطنية المصرية عند وضع دستور 1923 التى رفضت فكرة الكوتة والمحاصصة للأقباط، وجدنا ذلك المؤتمر المريب الذى عقد الأسبوع الماضى من قبل بعض الأقباط المناصرين لما يسمى المشكلة القبطية الذين يبحثون عن دور، متخيلين زعامة كاذبة يطالبون فيه بتجديد كوتة للأقباط فى دستور 2013 مستغلين ذلك المولد الذى ليس له صاحب، المتمثل فى لجنة الدستور والذى يستغله الجميع لتحقيق مكاسب فئوية ومهنية وطائفية بما يمثل خطورة على الوطن، خاصة عندما يفتح باب هذه الكوتة التى سيتسابق نحوها الجميع حتى نجد أنفسنا فى وطن مقسم طائفياً ومتشرذم طبقياً ومتفتت مهنياً، فى هذا المناخ المتسارع نحو التقسيم والمتسابق إلى التطييف، قد وجدنا البابا تواضروس الثانى يعلن أن موقف الكنيسة هو رفض هذه الكوتة، حيث إن الأقباط لو كانوا بالفعل أقلية عددية لكنهم ليسوا أقلية جنسية أو عرقية أو إثنية، وهذا الإعلان وذلك التصريح هو بلاشك الموقف الصحيح والسليم الذى يتفق مع مصلحة الوطن والأقباط بل كل المصريين، فهؤلاء الواقفون وراء ذلك المطلب الطائفى المتمثل فى هذه الكوتة البغيضة، والزاعمون أنهم يتحدثون باسم الأقباط ويطالبون باسم الأقباط بل الأدهى والأسخف أنهم يهددون أيضاً باسم الأقباط بالتصويت بلا عند الاستفتاء على الدستور لو لم يقرر هذه الكوتة، ينسون عن جهل مطبق أنهم ليس لهم علاقة بالسياسة من قريب أو من بعيد، متجاهلين الواقع غير مدركين النتائج المترتبة على هذه الكوتة التى لا يبتغون منها غير مصالحهم الذاتية، حتى يضمنوا عضوية البرلمان عن طريق الزعم واللعب على عواطف الأقباط البسطاء بأنهم يدافعون عن مصالح الأقباط وأنهم يسعون إلى تحقيق مطالبهم، كما أنهم يقدمون أنفسهم بأنهم المتحدثون باسم الكنيسة، مما جعل الكنيسة تصدر بياناً يحدد المتحدثين باسمها وهم البابا والمجمع المقدس والمتحدث الرسمى، ولا أحد يزعم التحدث باسم الأقباط، كما أن الحديث عن كوتة الأقباط هو الطائفية بعينها وقسمة الوطن بذاته، ومن يتحدث عن الـ%50 عمال وفلاحين أو المرأة أو الشباب، فهذا غير ذاك، لأن نسبة العمال والفلاحين والمرأة والشباب هى لكل المصريين مسلمين ومسيحيين نساء ورجالا وشبابا وشيوخا، ولكن كوتة الأقباط هى قسمة الوطن بين مسلمين ومسيحيين، خاصة فى ظل الظروف الاستقطابية والطائفية التى نعيشها الآن، كما أن العدد الذى يريده هؤلاء الطائفيون من نواب أقباط فى مجلس الشعب لا يمثل الأقباط ولا يتحدث عنهم دون باقى المصريين حسب اعتقاد هؤلاء، لأن النائب هو نائب عن الأمة كلها والشعب بمجمله، والغريب أن أحد المتحمسين للكوتة، وهو يقول عن نفسه: إنه أستاذ قانون وفى نفس الوقت، ويا للطمة الكبرى، يقول: إن الكنيسة هى إحدى مؤسسات الدولة ولا يعلم أنها مؤسسة روحية مستقلة، لا علاقة لها بالدولة، ويتصور جهلاً ويؤسس ويجذر للطائفية عندما يقول إن مشاكل الأقباط لا يحسها ولا يشعر بها ولا يعبر عنها غير القبطى، وكأن النواب الأقباط والوزراء الأقباط وكل قبطى فى أى موقع هو يعبر ويمثل الأقباط، يا لها من سخافات جاهلة لا تعرف قيمة الوطن ولا التوافق ولا التعايش، تلك القيم التى دائماً ما تحمى مصر من التفتت والتشرذم وتصون الوطن وتحميه ضد كل المؤامرات التى يسعى الخارج إلى تنفيذها بتقسيم الوطن على أسس طائفية، والغريب أن هؤلاء أبناء منظمات دولية تسمى بالحقوقية، تلك المنظمات التى تعتبر الأقباط أقلية وتطالب بهذه الكوتة، وهم يعلمون بل يريدون حرق الوطن، فهذه هى منظمات حرق الأوطان، حمى الله مصر من هؤلاء الساعين إلى مصالحهم حتى ولو على حساب هذا الوطن العظيم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة