نجح الإخوان فى تسويق دستور 2012 باستغلال المشاعر الدينية وربطه بالشريعة الإسلامية، والزعم بأن من يقول «نعم» هو المؤمن الغيور على شرع الله ويدخل الجنة، ومن يقول «لا» هو الملحد الكافر عدو الإسلام ومأواه جهنم وبئس المصير، وأصبح التصويت مع الإسلام أو ضد الإسلام، ولا يخفى أن هذه الدعاية كان لها مفعول السحر لدى البسطاء، الذين خدعتهم الأكاذيب الإخوانية، فصوتوا لصالح دستور فاسد يكرس سطوة الإخوان ونفوذهم، ومحاولاتهم لأخونة الدولة وتفكيكها.
بدأت بروفة إفشال الدستور الجديد مبكرا بالحشود الإخوانية العشوائية فى الشوارع والميادين، فهى من ناحية تحاول تشتيت جهود الأمن واستنزاف قواه، وتعمل على تخويف الناس وإلزامهم بيوتهم باستخدام وسائل العنف والبلطجة، ويزداد الأمر سوءا بسبب ضعف الحكومة وترددها، فى اتخاذ الإجراءات الكفيلة باستعادة هيبة الدولة وإعادة الأمن والهدوء والاستقرار للشارع، وبسط قوة القانون وقدرته على التصدى لمحاولات نشر الفوضى، ويساعد هذا الخلل فى استمراء الإخوان للفوضى التى لم يعد لهم سواها، أملا فى استرداد العرش المفقود الذى كان يجلس عليه مرسى، وحتى الآن لم تتبلور لدى صانعى الدستور الجديد خطة لتسويقه، والعبور به إلى شاطئ الأمان، وإقناع الملايين بالنزول والتصويت بـ«نعم» وإفساد مخططات الإخوان التى تستهدف استخدام نفس الألاعيب القديمة واستغلال المشاعر الدينية، فليس كافيا أن يحقق الدستور نسبة موافقة %65 مثل دستور 2012، بل يجب أن يتجاوز ذلك، لإسقاط كل الحجج والمبررات التى يتلاعب بها مؤيدو المعزول، مثل «دستورنا فاز على دستوركم»، وما أدراك ما الإخوان حين يصنعون الأكاذيب ويجملون الأضاليل، فالدستور الجديد وثيقة رائعة لمستقبل مصر وشعبها، ويحمى تراب الوطن ويصون الحريات والحياة الخاصة للمواطنين، ويفتح أبواب الحرية على مصاريعها، وأهم ما فيه أنه يقطع الطريق على الأحزاب الدينية، ويكافح النصب بالأديان وإشعال الفتن الدينية.
لا مستقبل لمصر إلا بالفصل بين الدين والسياسة، وأثبتت تجربة الإخوان فى الحكم خطورة وقوع الدولة فى براثن عصابات لا تؤمن بالحرية ولا الديمقراطية، وكل ما يعنيها السلطة والنفوذ والسلطان، حتى لو كان الثمن التآمر والخيانة والتفريط فى تراب الوطن، وإسالة الدماء ونشر الخوف والهلع، وارتبطت سيطرة الإخوان على الحكم بعودة الجماعات الإرهابية واستفحال جرائمها، وحصولها على غطاء سياسى ودعم لوجستى من الرئيس المعزول وأهله وعشيرته، الدستور الجديد هو أول مواجهة حقيقية بين الإخوان ومؤيدى الدولة المدنية، ويحتاج إلى لم الشمل وتوحيد الصف والارتفاع فوق الصغائر وكبح جماح المطامع الشخصية، فهذا ليس وقت المشتاقين إلى كرسى الرئاسة ويلعبون فى الخطوط الخلفية، ولا الحالمين بنصيب الأسد فى المقاعد البرلمانية، ولا الطامعين فى المناصب الوزارية والأبهة الحكومية، ولا الفضائيات التحريض والإثارة وجذب المشاهدين فى سيرك التوك شو، إنها لحظات صعبة ومصيرية ويلعب الإخوان على كل الأحبال لإصابة الناخبين بالفتور وعدم الاهتمام، لتخلو لهم اللجان والصناديق والسير فى الاتجاه المعاكس، ولو حدث ذلك فلن تجد الأحزاب والقوى السياسية حتى اللبن المسكوب لتبكى عليه، الدستور الجديد يجب أن يكون متاحا ومفهوما لدى المصريين البسطاء والقواعد الجماهيرية الكبيرة، وأن يقتنعوا به ويدافعوا عنه ويحتشدوا من أجله، ولا يتركوه نهبا للدعاية الإخوانية المسمومة، التى تجمع كل قوتها لإفشاله وإسقاطه.. أرجوكم اجعلوا هذه الأيام تمر بسلام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة