الدستور هو الوثيقة التى تعبر عن الشعب صاحب السيادة دون تصنيف أو تفريق مستفيدة من الماضى معبرة عن الحاضر مستشرفة المستقبل. ولأنه من الطبيعى ألا يضع الشعب كل الشعب هذا الدستور بشكل مباشر، كان هناك ما يسمى باللجان التأسيسية التى تضع الدستور نيابة عن الشعب الذى سيفصل بشكل مباشر فى هذا الدستور رفضاً أو قبولاً عن طريق الاستفتاء عليه. واللجان التى تضع الدستور إما أن تشكل عن طريق الانتخاب أو بطريقة التعيين التى هى سائدة فى وضع الدساتير المصرية منذ أن عرفناها.. ولكن الأهم من أن تكون هذه اللجان بالانتخاب أو بالتعيين لابد أن تكون معبرة بشكل صحيح وحقيقى عن توجهات الشعب ومطالبه ليس بشكل طائفى أو فئوى ولكن تعبيراً عن التوجهات العليا التى ستحكم المسار السياسى والاقتصادى والاجتماعى والثقافى فى مرحلة قادمة ليست بالقليلة فهل بالفعل يضع الشعب دستوره أو حتى هل حقاً يشارك الشعب فى صنع هذا الدستور؟ من المعروف أن مشاركة الشعب تأتى ليس من خلال الاقتراحات التى ترسل إلى اللجنة أو حتى عن طريق ما يسمى بلجان الاستماع المصنعة والمصنوعة فى مجلس الشورى ولكن هذه المشاركة لا تكون بغير النزول إلى الجماهير فى القرى والنجوع لسماع آرائها وهنا سيخرج علينا أصحاب النخبة المتضخمة والمتعالية على الجماهير لتقول ما علاقة القرى والنجوع بالدستور؟ وهنا نقول: الدستور يا سادة هو دستور الشعب وليس دستور النخبة كما أن الدستور لا يضعه الفقهاء القانونيون والدستوريون فقط. ولكن الأهم هو سماع واستفتاء آراء الشعب كل الشعب فى الإطار السياسى وما دور الفقهاء والمتخصصين إلا الصياغة الدستورية كما أنه كيف نعول على الاستفتاء الشعبى على الدستور دون علم الذين سيستفتون عليه؟! أهى عملية ميكانيكية تقليدية فارغة من المضمون حفاظاً على شكل الاستفتاء الذى لا يؤدى دوراً حقيقياً حيث لا معنى لمن يستفتى على شىء لا يعلمه ولا علاقة له به؟.. فالنزول إلى الجماهير يعنى الالتحام والسماع والتوعية والتثقيف وهذه أشياء نفتقدها تماماً كما أن مشاركة المواطن فى هذه المؤتمرات تشعره أنه قد أصبح شريكاً فى صنع هذا الدستور فيكون متحمساً للذهاب هو وغيره للاستفتاء ولكن ما يحدث الآن وقبل ذلك هو فرض وصاية على الشعب من قبل هذه اللجان وكأن أعضاءها أوصياء على الشعب ناهيك عن أن كل عضو يحاول أن يعبر عن فكره ورؤيته الخاصة التى يمكن ألا تكون متوافقة مع الإجماع الشعبى. كما أن النزول للجماهير سيقلل من حدة الاستقطاب الحادث الآن والذى مازال ظاهراً فى لجنة الخمسين فلماذا لا نتحاور مع الجماهير ونسمع منها ونستفيد ونفيدها أيضاً خاصة حول القضايا الخلافية حول ما يسمى بالهوية أليس هذا ضماناً لجماهير ستذهب للموافقة على الدستور بعد المشاركة فى هذا الحوار؟ أم ستنتظر حتى الاستفتاء لكى تعمل ماكينة الإيمان والكفر باسم الدين والهوية الإسلامية التى تدغدغ مشاعر الجماهير الدينية.
خاصة أن النخبة المدنية لا علاقة لها بالشارع أو الجماهير. الدستور يا سادة وفى ظل الظروف التى تعيشها البلاد يعنى الاستفتاء عليه هو الاستفتاء على خارطة المستقبل. يعنى الاستفتاء على 30 يونيو ولو بشكل غير مباشر فهل سألنا أنفسنا ماذا لو لم يحصل الدستور على الموافقة المطلوبة؟ وما هو البديل؟ فهل فكر السادة أعضاء اللجنة الذين لا يجيدون ولا يرغبون فى غير الظهور الإعلامى فى هذا الأمر؟ وأين دور جبهة الإنقاذ التى أشبعتنا تصاريح واجتماعات والتى لا يعنيها الآن غير مرشحها للرئاسة، الأمر جاد واستغلال إرادة الجماهير لصالح جماعة أو حزب لن يمر بسلام والارتكان على القوات المسلحة فهذا ليس دورها ولكنها ساحة القتال الحقيقى لصالح الشعب والوطن وكفى استعباطاً فالشعب قد كبر ونضج. حمى الله مصر من كل سوء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة