هل ما نراه اليوم فى الشارع المصرى ومنذ فض اعتصامى رابعة والنهضة بسبب الشرعية؟ ودعاة عودة الشرعية هل يقصدون الشرعية الدستورية أم الشرعية الثورية؟ فالشرعية الدستورية هى التى تمارس فى ظل ظروف طبيعية ومستقرة تمارس فيها المؤسسات دورها فى إطار القانون والدستور وتمارس الجماهير العملية الانتخابية لاختيار السلطة التشريعية حتى يتم اختيار الحكومة الممثلة للسلطة التنفيذية ليتم تطبيق مبدأ تداول السلطة وكل هذا يتم بعيدا عن أية وصاية على المواطن من أى نوع، أما الشرعية الثورية فهى التى تعقب الثورات التى تسقط الأنظمة القائمة وتحل المجالس التشريعية وتسقط الدستور، الشىء الذى يجعل البلاد فى حالة ظروف انتقالية واستثنائية، وهنا تكون حكومة انتقالية تعمل على عودة الاستقرار الأمنى والسياسى والاقتصادى، فى الوقت الذى تعمل فيه مع الجميع على تجسيد مبادئ الثورة على أرض الواقع، وعندما يتم الانتقال من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية، فماذا حدث فى يناير؟ تم إسقاط مبارك ولم يتم إسقاط نظامه مع غياب التنظيم الثورى، فتسابق الجميع على الغنيمة، متصورين أن الأوضاع مستقرة ولا علاقة لها بالحالة الثورية فكانت الخطة هى الاستيلاء على ما تم باسم الشرعية الدستورية، فكان الاستفتاء الكارثة وانتخابات مجلس الشعب والرئاسة، وتم وضع دستور، وكل ذلك كان للإخوان ومريديهم، حيث تم التسويق من البداية لهذه الشرعية باسم الدين، وفى ظل ظروف غير مواتية للأحزاب التى كانت قبل يناير أو التى جاءت بعده، وكان هذا فى ظل الزخم العالى للشرعية الثورية الممثلة فى ميدان التحرير وكل الميادين، مما جعل هناك شرعيتين فى وقت واحد، وذلك كان نتيجة للقفز على الثورة التى لم تر تطبيقا لمبادئها عمليا حتى إننا رأينا مجلس شعب الإخوان يعلن أن الشرعية قد أصبحت للبرلمان وليست للميدان، وهذا كان تنازلا عن الثورة وشرعيتها، ومع ذلك سلم الجميع للإخوان بشرعيتهم الدستورية فماذا حدث؟ وجدنا عدم الالتزام بالقواعد الدستورية، وتم إصدار البيان الدستورى فى 21 نوفمبر 2012 الذى لم يعلم عنه رئيس الجمهورية شيئا، لم يتم تطبيق القانون وكان هناك قانون خاص بعيد عن مبدأ المساواة حتى تتم حالة الأخونة، لم يتم تنفيذ أى تعهد صدر من الرئيس أو النظام، وجدنا عشرات المصادر التى تصرح بدلا من الرئيس والرئاسة، تم التعامل بعيدا عن مؤسسات الدولة حيث كانت القرارات تصدر ممن ليس لهم أية شرعية دستورية أو قانونية أو جماهيرية ولا علاقة لهم بالصندوق الذى يتحدثون عنه، وهنا لابد من أن نذكر بمقولة المرشد «موقع المرشد أهم وأعلى من موقع رئيس الجمهورية» وهذا فى ظل خضوع الرئيس للمرشد حسب نظام الجماعة، ناهيك عن الإصرار على معاداة الجميع دون استثناء بمعارك مع القضاء والجيش والشرطة والإعلام والأزهر والكنيسة، حتى إن الجميع تأكد أن الرئيس لا يمثل الشعب، بل يمثل أهله وعشيرته، مما جعل هناك حالة جماعية من الاغتراب عن الوطن، وهنا نتساءل: من الذى انقلب على الشرعية؟ إلا إذا كان للشرعية مفهوم آخر خاص بعيد عن المفهوم العام الدستورى والسياسى، وبالرغم من ذلك نريد ألا نتوقف عن سؤال من انقلب على الشرعية؟ فالشرعية لا تعنى الانتخابات والصندوق فقط، ولكن الشرعية هى أيضا الشرعية الجماهيرية التى تعبر عن إرادة الشعب صاحب السلطة الوحيد، الشرعية هى رضى الشعب وقناعته بمن يحكم وبقراراتهم الثورية التى تعمل لصالح الجميع لا للأهل والعشيرة بشعور الحاكم بمعاناة المواطن والعمل على حل مشاكله وتحقيق آماله، مع العلم أن الشعب الذى أسقط حاكمين فى هذه المدة قادر على كشف كل من يتاجر باسم الوطنية أو الدين، فالأهم هو التوافق والتوحد وترك الماضى والتطلع إلى المستقبل، حتى يستقر الوطن، ثم فليتنافس المتنافسون فى ظل حرية حقيقية دون وصاية حتى ننهض بمصر وطن كل المصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة