فى عام 2007 قال الرئيس الإيرانى السابق أحمدى نجاد أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وعلى الارض الأمريكية، "إن إيران لن تخضع لأى املاءات من قبل الغطرسة الأمريكية"، ونجح نجاد فيما أراد وفشلت الغطرسة الأمريكية فى تدمير القوة النووية الإيرانية، لم تكن المرة الأولى التى تخرج فيها أمريكا منكسرة، بل سبقها مرات عديدة بدءا من كوبا مروراً بالعراق وصولاً إلى أفغانستان وغيرها من البلدان فى ظل إصرار أمريكا على أن تكون شرطى العالم وعشق الدول للتحرر من سطوة الإمبريالية العالمية.
للأسف لم تنجح ممارسات الإمبراطوريات الاستعمارية على مر التاريخ فى السيطرة على البلدان وسرقة خيراتها واحلام شعوبها إلا بمعاونة الحكومات الضعيفة والفاسدة فى الدول النامية، هكذا حاولت امريكا أن يكون لها اليد الطولى فى القرار المصرى ونجحت فيما ارادات عبر نظام الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك واستطاعت أن تواصل نفس السياسة فى عهد الرئيس المخلوع محمد مرسى وتغير قناعة جماعة الإخوان وشعارتها تجاه إسرائيل وتزيل من رأسها"على القدس ريحين شهداء بالملايين" وتجعله مجرد ذكرى من الماضى، ثم جاء قرار أمريكا بتعليق المعونة لمصر كأول اختبار سياسى خارجى للحكومة الحالية، ولكن يبدو أن الحكومة الحالية لم تكن أفضل من الحكومات السابقة فقد أصيبت بالطرش والصمت الكئيب وكأن الموضوع لايعنيها والقرار الأمريكى لا يخص مصر ومستقبلها.
فقد ظلت الولايات المتحدة الامريكية خلال الاسابيع الماضية تصدر تصريحات رسمية وغير رسمية وتسريبات وتلميحات وقرارات تتعلق بمصر والمساعدة الامريكية دون ان تنطق الحكومة الحالية بكلمة او ترد على هذه الغطرسة رغم أن حصول مصر على المعونة حق مكتسب لمصر وجزء من معاهدة السلام، وان تعليق أو وقف المساعدات يعنى منح الضوء الأخضر للحكومة المصرية لتفعل ما تشاء دون النظر إلى معاهدة السلام، لقد أدى الصمت المصرى وضعف الأداء السياسى إلى ترك الساحة للأمريكان يفعلون ما يشاءون بدلاً من إقناعهم بأن وقف المساعدات إخلال بالدور الأمريكى وتراجع عن دعمها لاتفاقية السلام وتشجيعا للارهاب وعدم الحفاظ على الأمن والاستقرار فى المنطقة وتخليها عن حماية اسرائيل.
إن ممارسات الحكومات السابقة والمجلس العسكرى السابق شجع أمريكا على أن تفعل ما تريد فقد سمح المجلس العسكرى السابق بسفر الأمريكان المتهمين فى قضية الجمعيات الأهلية وكأن مصر بلا قانون.
لقد ظن البعض أن تدخل أمريكا فى مصر وغيرها من الدول يهدف إلى تحقيق الديمقراطية وتقدم البلاد وانتشار الرخاء بين الشعوب دون إدراك أن تدخل كل القوى العالمية كان من أجل مصالحها الخالصة فقط دون أى اعتبارات أخرى، لذا نجد أمريكا تدعم بعض المنظمات الإرهابية والحركات الانفصالية حول العالم لتحقيق مآربها وعندما تنتهى المصلحة الأمريكية ينقلب السحر على الساحر.
هذا الساحر الذى كانت تخشاه أمريكا ولا تريد أن تراه فى مصر مرة ثانية هو الزعيم جمال عبد الناصر الذى رفض الإملاءات الأمريكية واستطاع خلق علاقات قوية مع الاتحاد السوفيتى وتكوين منظمة عدم الانحياز التى كانت ذات شأن كبير فى ذاك الزمان.
أما الحكومة الحالية فقد اعتبرت أن تعليق المساعدات أمر عابر وأن تدخل الأمريكان فى الشأن المصرى والتحكم فى مستقبل البلاد لايستوجب الرد واتخاذ خطوات حاسمة لمواجهة التدخل فى الشان المصرى، يبدو أن الحكومة المصرية لاتعلم انها تمتلك الكثير من الاوراق للرد على الأمريكان فى مقدمة هذه الأوراق معاهدة السلام، فلم تعتبرها الحكومة ورقة ضغط وأن التزام مصر بهذه المعاهدة وتطبيقها على اكمل وجه كان مصدر الحماية والأمان لاسرائيل على مر السنوات وأن أى إخلال بها يمكن أن يعرض الأمن الإسرائيلى للخطر، ولكن يبدو أن الحكومة ظنت أن حماية اسرائيل واجب مقدس على المصريين.
إن حالة الارتعاش التى تعيشها الحكومة أدت إلى سقوط غالبية الأوراق من ايديها وأصبحت تعيش بين الإملاءات الأمريكية والاستفزازات الإخوانية، ونسيت أن دولة مثل إيران نجحت فى صراعها مع أمريكا والغرب من خلال ورقة اللعب فى أمن دول الجوار سواء فى الخليج أو العراق، كذلك نجح النظام الدموى فى سوريا فى مواجهته مع الغرب فى استخدام عدة أوراق وجعل أمريكا والغرب تنظر إلى حركة التغيير فى سوريا بأنها حرب عصابات ومرتزقة ضد الدولة، فهل تخرج الحكومة عن صمتها وسياستها المرتعشة وتعلم أنها تدير أكبر دولة فى المنطقة وعليها أن تكون على قدر المسؤولية أم ستغرق فى بحر المشاكل الداخلية وتستسلم للإملاءات الخارجية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة