الصدق نقيض الكذب، والكذب خطيئة وآفة ومدخل لكل الخطايا والشرور والآثام، والأديان جميعها تحذر من خطيئة الكذب، لأنه يفقد الإنسان مصداقيته مع نفسه ومع الله، وبالتالى مع البشر، فلا أمن ولا أمان للكاذب الذى لا يفى بوعده ولا يلتزم بعهده.
ونحن هنا لا نريد أن نقع فى خطيئة المجد الذاتى، ولا نريد أن نوزع صكوك الإيمان من عدمه، فهذا ليس عمل البشر مهما كان إيمانهم ومهما تحققت علاقتهم بالله، ولكننا فى إطار التقييم السياسى المشروع لجماعة استطاعت بكل الطرق أن تحقق أحلامها وأن تصل بطموحاتها للسلطة مستغلة ثورة لم تصنعها بل كانت آخر من ركب قطارها فلم تترك لصانعيها غير العدم وقبض الريح، ولأن الجماعة جُبلت على حب الذات ولا تعرف غير مصلحتها حتى إن ادعت غير ذلك، فلذا كانت عقيدتها هى النفعية البراجماتية ولذا فقدرتها كبيرة فى استثمار المبدأ الميكافيللى «الغاية تبرر الوسيلة» وبالتالى قد توافق مع قاعدة التقية التى إن جاز استعمالها فى بعض المواقف، فالجماعة تستعملها فى كل المواقف على طول الخط.
وهذا حق الجماعة عندما كانت محاصرة ومحظورة، ولكن الآن وقد أصبحت تحكم تحت اسم حزب شكلى يسمى الحرية والعدالة، وبعد أن أصبح لها رئيس جمهورية حتى الآن يتحدث باسمها وينفذ أوامرها ويرعى مصالحها إخلاصا لعقيدتها والتزاما بتربيتها، وهنا لا يصح أن تستمر هذه السياسة، فالمحظورة غير الحاكمة والجماعة غير مصر، وشعب مصر لن يكون أعضاء الجماعة فتلك المواقف وهذه التصريحات التى تمس سلامة الوطن وتتخطى ثوابته لا نقبلها على الإطلاق، وعملية توزيع الأدوار التى اعتادت الجماعة عليها لا تبرر سقطة تصريح العريان بدعوة اليهود للعودة لمصر، فلا العريان ولا غيره يملك أن يصدر هذا التصريح بغير رضا وموافقة ومباركة الجماعة، والحديث بغير هذا لا نعلم تفسيره لديهم أهو نفعية مع الأمريكان بعد زيارة العريان لأمريكا؟ أهى تقية أم كذبة بيضاء؟ وهل لو كان التصريح رأيا شخصيا للعريان وهو نائب رئيس الحزب وعضو مكتب الإرشاد ومستشار الرئيس ورئيس المجموعة البرلمانية بالشورى، وكانت نتائجه هى ترحيب إسرائيل بهذا التصريح بل اعتبرت العريان بطلا وصديقا لإسرائيل، والأهم أنهم أرسلوا شكرهم وأعادوا تهنئتهم لمرسى بل وصفوه بمن ينتهج طريقهم أى طريق الإسرائيليين الذين كانوا للإخوان الشيطان الأكبر الذى يجهزون له جيش محمد، وهل بعد ذلك يعلنون أنهم لفتوا نظر العريان «يا سلام» الشىء الآخر أن المحظورة تعنى عدم قانونيتها، وهذا ما استمرأته الجماعة واستفادت منه، ولكن بعد أن أصبحت حاكمة فكيف تصر على عدم قانونيتها وأن تستملح عملية إسقاط القانون، أم أنهم يصرون باستكبارهم بأنهم فوق القانون؟ وهل معنى هذا أنهم يؤسسون لدولة الغاب والأقوى؟ وهل هى خطتهم فى إدارة الدولة التى طلعت لهم فى البخت؟ وهل هذا السلوك يكمل ما نراه من ميليشيات عسكرية ومواجهات مسلحة ومحاصرات لمؤسسات الدولة بهدف إسقاطها واستبدالها بمؤسسات صناعة إخوانية؟ وهنا يقول أمين عام الجماعة: إن الجماعة ليست هى جمعية خيرية حتى تخضع لقانون الشؤون الاجتماعية، بل هى جماعة سياسية ودعوية واقتصادية. وهنا نقول لفضيلته: إذا كانت الجماعة سياسية فكيف ولديكم حزب الحرية والعدالة؟ فإذا كانت سياسية فلابد من خضوعها لقانون الأحزاب، وإذا كانت دعوية أو اقتصادية فلابد من خضوعها لقانون الجمعيات التى من أنشطتها العمل الدعوى المسمى بالثقافة الدينية، هذا إذا لم تكونوا فروعا تابعة لوزارة الأوقاف أو الأزهر، أما أن تكون اقتصادية فهذا يخضع للقانون التجارى، هذا إلا إذا كنتم فوق القانون حيث إنكم قد أصبحتم الآن القانون نفسه، وهنا ما رأى د. مرسى؟ وهل هذا السلوك ينطبق على كل من يريد أن يكون مثل الإخوان؟ وهل هذا سلوك يتفق مع دولة عمرها آلاف السنين علمت العالم الحضارة؟ أم أنكم لا علاقة لكم بالحضارة فهى كلمة كافرة؟ الأمور هكذا لا تستقيم، وهذا ليس فى مصلحتكم ولا مصلحة الوطن، والذكاء هو ألا تكرر خطأ الآخرين.. يرحمكم الله وإيانا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة