طمأنة رجال الأعمال هى كلمة السر لعودة الروح للاقتصاد المصرى، ولن يتحقق ذلك إلا بمصالحة جدية وحقيقية، وتحت مظلة رئاسية تجسد إرادة الدولة فى غلق صفحة الماضى وفتح صفحة جديدة .. أما تخويفهم وإرهابهم بالسجن والمحاكم والنيابات والبلاغات الكيدية والتشهير الإعلامى، فلن يؤدى إلا لمزيد من من الهروب والإحجام، ورأس المال بطبيعته جبان ويبحث عن الدفء ولا يعيش فى أجواء القلق والتوتر، ومصر ليس فيها الآن إلا القلق والتوتر وتصفية الحسابات، فأصبحت طاردة للاستثمارات وليست جاذبة لها، ورغم التصريحات الوردية التى تبشر بالخير الوفير والنهوض السريع، فلن ينقذ البلاد من أزمتها الخانقة فرض الضرائب ورفع الأسعار، وإنما استثمارات حقيقية تعيد ضخ الدماء فى شرايين الإقتصاد المصرى.
طمأنة رجال الأعمال ليس معناها " عفا الله عن الفساد "، خصوصاً فى حالات الزواج غير الشرعى بين الثروة والسلطة فى النظام السابق، وهى "بوابة جهنم" التى نفذ منها أصدقاء الشيطان واستغلوا نفوذهم فى تكون ثروات طائلة، فمن واجب الدولة أن تُسرع بمحاسبتهم وتسترد حق الشعب، وأن تحافظ فى نفس الوقت على مشروعاتهم وإستثماراتهم ولا تسمح بتعطيلها أو تصفيتها، لأنها توفر فرص عمل وتفتح بيوتا وتدفع ضرائب، وليس من المصلحة أن تظل هذه الملفات مفتوحة دون تسوية أو حسم، لأنها تخلق أجواءً من البلبلة والتخبط وعدم الإستقرار وتعطى إنطباعا بأن كل رجال الأعمال فاسدين، وتخلق حالة من الإحباط لدى الرأى العام، بعد أن ضخّمت وسائل الإعلام بشكل مبالغ فيه من حجم الأموال المنهوبة، دون آن يُسترد منها الكثير .
طمأنة رجال الأعمال ليست بالخطب ولكن بالفعل، فإذا كانت معظم قضايا الفساد تتعلق بالحصول على أراضى الدولة بسعر بخس، فالدولة فى أمس الحاجة إلى مزيد من الأراضى وتهيئة ملايين الأمتار لبناء مدن وإقامة مشروعات جديدة، فجميع سكان مصر يعيشون فقط على 17٪ من أراضيها، والأرض لا يجب أن تكون "لعنة" لرجال الأعمال فيخشون شرها، بل أن يتم حفزهم وتشجيعهم للحصول عليها، ويا ريت يظهر عشرة آلاف رجل أعمال لديهم الجرأة والمغامرة والشجاعة على إقتحام الصحراء والمناطق الجديدة والاستثمار فيها، حتى لو منحتهم الدولة هذه الأراضى بالمجان، شريطة أن تكون متاحة للجميع بشفافية وإجراءات سليمة، وليس باستغلال السلطة والنفوذ والمحاباه ولا أن يتم منحها كإقطاعيات لمن يربحون من ورائها الملايين والمليارات.
طمأنة رجال الأعمال هى التى تعيد جذب الإستثمارات العربية والأجنبية، وهى مسألة حياة أو موت، ولا غنى عنها لأن الموارد المحلية مهما تم تعظيمها فلن تكون كافية لتحقيق معدلات النمو التى تقيل الإقتصاد المصرى من عثرته، وأجواء التوتر فى الداخل تنعكس على الخارج والدليل على ذلك أن تلك الاستثمارات بلغت صفراً فى العامين الماضيين، وتعطلت مئات الآلاف من فرص العمل، وحُرمت خزانة الدولة من ضرائب تقدر بمئات الملايين، وصارت الحكومة تلهث وراء قرض صندوق النقد الدولى لسد العجز، والحصول على شهادة ثقة دولية تتيح الحصول على مزيد من القروض، وما يستتبع ذلك من مشروطيات قاسية، يدفع فاتورتها فى النهاية المواطن البسيط.
طمأنة رجال الأعمال هى كلمة السر لبدء مرحلة التعافى الإقتصادى والخروج من غرفة الإنعاش، فهم الذين يقودون قاطرة التنمية ويدفعون عجلة الاستثمار، والدول والحكومات تجرى وراءهم وتفتح لهم الأبواب وتقول لهم "شبيك لبيك"، ليس من لسواد عيونهم أو تدليلهم، ولكن من أجل مشروعاتهم وفرص العمل إلى يخلقوها والضرائب التى يدفعوها.. وإذا لم تسارع الدولة بتطهير صفحة الماضى وغلقها، وبدء مرحلة جديدة من الثقة والشفافية والطمأنينة، فهذا الوطن هو الخاسر الأكبر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة