يوم الجمعة القادم يتذكر الثوار الحقيقيون مع الشعب المصرى الذى خرج إلى ميدان التحرير يوم 25 يناير 2011، ذلك اليوم الذى فجر فى الشعب صحوة تحولت إلى هبة جماهيرية غير مسبوقة فى الأعداد والتنفيذ والآمال المرجوة والطموحات المأمولة، وكانت هذه الهبة قد أنتجت أهم نتيجة ثورية بإسقاط مبارك ونظامه، ولكن لأسباب كثيرة أهمها غياب ذلك التنظيم الثورى، كوادر، ورؤية، ومنهج، وبرنامج، جعل هذه الهبة الجماهيرية لا تسير فى طريق الثورة حتى يتم تغيير المجتمع تغييرا جذريا فى كل المناحى السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فما كان من جماعة الإخوان المسلمين غير القفز على تلك الهبة بعد التأكد من نجاح نتائجها والادعاء بقول شعاراتها حرية كرامة عدالة اجتماعية فى إطار الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، حتى يتسنى لها اختطافها عن طريق تلك التعديلات الدستورية التى مهدت لها اختطاف الثورة من خلال انتخابات تسبق وضع الدستور فى ظروف لم يكن مدربا لهذه الانتخابات غير الإخوان الذين كانوا قد اعتادوا على خوض الانتخابات اعتمادا على خريطتهم الاجتماعية التى تعتمد على المعونات المادية بجوار استغلال وتأجيج العاطفة الدينية بادعاء أنهم الإسلام، وهم من يحافظ عليه، فكان لهم مجلسا الشعب والشورى، وموقع رئيس الجمهورية، وتم اختطاف الدستور الذى يدشن لدولة دينية بعيدا عن أى توافق مجتمعى، الشىء الذى يسقط شرعية أى دستور فى العالم.
وهنا فقد تحولت تلك الهبة الجماهيرية بدلا من الثورة إلى انقلاب، أى إسقاط السلطة الحاكمة ووصول جماعة الإخوان محلها دون تغيير للأحسن، بل وجدنا حتى الآن التغيير للأسوأ شكلا ومضمونا، فما حدث هو استبدال مرسى بمبارك، وتغيير اسم الحزب الوطنى إلى الحرية والعدالة مع غياب أى رؤية سياسية توصف الواقع بمعطياته ومشاكله وقضاياه وفساده، حتى يتسنى وجود خطة أو منهج أو برنامج للخروج من هذا الواقع الردىء، «الذى فجر الثورة وأسقط مبارك»، إلى بر الأمان، فلا فرق بين مبارك ومرسى، غياب الرؤية، وقصور النظرة، تخلف وبطء القرار، بل انعدامه أو تناقضه أو سحبه أو التبرؤ منه. سيطرة المقطم بديلا من جماعة قصر الرئاسة، السعى لمصلحة الجماعة بديلا لمصلحة لوبى رجال الأعمال ولجنة السياسات، نفس آلية ترزية القوانين والدساتير، ولكن بطريقة الغشم التى زادت عليها خطيئة الحقد وتصفية الحسابات، وكأن مصر قد أصبحت عزبة للتوريث لا دولة للحكم، نفس الادعاءات الكاذبة بالديقمراطية التى لم يكن يعرفها مبارك والديمقراطية التى يعتبرها مرسى وجماعته وتياره كفرا بواحا، ولكن الغاية تبرر الوسيلة أو هى التقية التى لا يعرفها شعبنا بغير الكذب، ولذا فقد ضاع الأمل لدى الجماهير أو توقف وتحولت الطموحات إلى حالة يأس وقنوط ولو مؤقتا، فالفساد استشرى والأمراض عمت والبطالة زادت والمشاكل تفاقمت والأمان ضاع، والاقتصاد يهدد بثورة جياع، وهيبة الدولة سقطت، والقانون أسقط، والمؤسسات انهارت، ومبدأ الأقوى يسود، ولا مكان للقانون، فغاب العدل، وعم الظلم، فالبقاء للأقوى، فلم تر نظاما سياسيا حتى فى ظل القبيلة والعشيرة يترك الأتباع يأخذون دور المؤسسات، إلا إذا كان الهدف هو العودة بمصر لنظام القبيلة والعشيرة التى لم يعرف سواها رئيس الجمهورية، ومع ذلك فالغرور والاستكبار والاستحواذ قد استحوذ على هؤلاء الذين لم يكونوا يستطيعون حتى الحلم بما هم فيه، فأنساهم من هو الشعب المصرى، هؤلاء قد تناسوا طبيعة المصريين الصبورة والهادئة المتسامحة والقادرة، ولذا فالبنية الأساسية للتغيير ولديمومة الثورة قد أرست قواعدها وحاجز الخوف قد كسر ولن يعود الشعب للوراء، فالثورة مستمرة، وحق الشهداء لن يضيع، وتكملة الثورة وتحقيقها على أرض الواقع لا بديل له، فهذا فى صالح المختطفين للثورة لو فهموا وفى صالح كل المصريين، لأن مصر لن تكون أبدا لغير كل المصريين، وليس لفصيل واحد مهما أخذه الغرور والاستكبار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة