لا أريد الاستسلام لنظرية المؤامرة عند مناقشة التسريبات التى تنشرها حماس حول «مشروع المنطقة الحرة مع مصر»، لثقتى الكاملة أنه لا يوجد مصرى واحد يوافق على سرقة سيناء، أو جزء منها، أو وضعها تحت الحماية الدولية تحت أى مسمى. فسيناء كانت وستظل مصرية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
أولا: تشترط حماس إنشاء المنطقة الحرة مقابل غلق الأنفاق، ولا يذكر أحد أن فك الحصار ليس مسؤولية مصر وحدها، بل إسرائيل أولا باعتبارها دولة الاحتلال، ومن ثم لا يجب أن تتحمل مصر فاتورة إنشاء الدولة الفلسطينية بدلا من إسرائيل، ولا أن تكون فكرة «سيناء الوطن البديل» هى الحل السهل الذى يريح مختلف أطراف الصراع, ثانيا: ما معنى أن تركز التسريبات الحمساوية على أن تضم المنطقة الحرة فى المستقبل كل غزة حتى مدينة العريش، حتى تتم الاستفادة من مطار وميناء المدينة، والبنية التحتية التى أنشأتها مصر، وهل هى بهذا الشكل منطقة حرة، أم منطقة محتلة تخضع لقوانين الاستثمار فى الدولتين والاتفاقيات والتحكيم الدولى؟.. وهى بهذا الشكل ليست منطقة حرة عادية مثل بورسعيد، ولكنها تزيل الحدود السياسية، وتتيح للفلسطينيين الدخول والخروج، وتملّك المشروعات فى أراضينا.
ثالثا: التكلفة الإجمالية للمشروع مابين 100 و200 مليار دولار على مراحل، تتحملها مؤسسة الاستثمار القطرية، وهو ما يكفى لإنشاء دولة جديدة، وليس منطقة حرة عادية.. وتشير التسريبات إلى توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الخارجية القطرية، ووزارة الاقتصاد الوطنى الفلسطينى لإنشاء شركة بين القطاع الخاص فى البلدين لإدارة المشروعات.. وهنا نسأل: أين الجانب المصرى، وهل يكتفى بالفتات ومقاولات الباطن ؟.. والأهم: هل يمكن الثقة فى الدور القطرى، أم أنها تتكفل بتنفيذ مشروع الوطن البديل؟
رابعا: تكتمل دوائر الاشتباه بظهور الأتراك على المسرح، وتوقيع مذكرة تفهّم بينهم وبين حماس لإنشاء المنطقة الحرة بخبرات تركية، على أن يتولى فريق عمل من الجانبين إعداد تشريعات حماية حقوق المستأجرين الفلسطينيين وفقاً للقوانين الفلسطينية.. والسؤال: هل هى سياسة الأمر الواقع التى تريد حماس أن تفرضها على مصر بالترهيب والترغيب؟
لا أريد الاستسلام لنظرية المؤامرة عند مناقشة هذة التسريبات التى تروّج لها حماس كنوع من جس النبض، ولكن «الجواب باين من عنوانه»، وإنها خطة جهنمية ساذجة، وأطرافها الثلاثة حماس وقطر وتركيا، فهى الأطراف المستفيدة سياسيا واقتصاديا، ولن تعترض إسرائيل لأنها سترتاح من صداع الدولة الفلسطينية دون أن تنسحب من شبر واحد من الأراضى الفلسطينية المحتلة، ويصب المشروع فى النهاية فى مجرى الشرق الأوسط الكبير الذى تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيقه فى المنطقة. التحية لقواتنا المسلحة الباسلة التى تقوم بتطهير سيناء لتبقى نظيفة فى أحضان مصر، وتهيئة الأجواء لإعادة تعميرها بأياد وعقول واستثمارات وطنية، وتحت السيادة المصرية. أما فك الحصار عن غزة وشعبها فله أكثر من طريقة، لا يجب أن يكون من بينها فكرة «الوطن البديل».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة