أُسس للاستبداد الدينى والكنسى فى أوروبا عندما أمر البابا أنوسنت الثالث عام 1066 بالآتى: أن يقوم جميع الملوك والأمراء عند مقابلة البابا بتقبيل قدميه، والبابا هو صاحب الحق فى التشريع وسن القوانين، كما أن الباب لا يخطئ ولا يأثم ولا يحاكم فهو معصوم من الخطأ، أيضاً يلجأ البابا للحماية، لا يقبض عليه ولا يحاكم، ويخطئ كثيرا من يتصور خطأ أن هذا السلوك الشاذ الأنانى والاستبدادى له أدنى علاقة بالمسيحية لا نصا ولا روحاً.
ولكن هذا هو استغلال الدين والمتاجرة به تحت اسم رجال دين، واستغلالاً للعاطفة الدينية المتجذرة داخل نفوس المؤمنين بصورة أو بأخرى، ومن المعلوم أن أوروبا لم تنهض إلا عندما تخلصت من هذه الآثام ولم تتخلص من المسيحية، ومن خلال علاقتى بالإسلام ثقافة وتقاليد وتراثاً وتاريخًا، ومعرفتى بالمقاصد العليا للإسلام التى هى نفس المقاصد العليا للأديان السماوية باستثناء ما هو مختلف فيه من العقائد الخلافية، فلا يوجد فى الإسلام رجال دين ولا وساطة بين الإنسان وبين الله ولا وصاية على البشر باسم الله، فالعلماء هم من درس وعرف أكثر فعليهم الدعوة والإرشاد والنصح بالحكمة والموعظة الحسنة بدون سيطرة ولا استبداد، ولظروف كثيرة أهمها التركيبة النفسية لرجل الدين والداعية والعالم أهمها الغرور والاستكبار بعلمه الدينى نجد أن بعض هؤلاء يتعاملون بطريقة أقرب إلى رجل الدين المسيحى، وهنا لقد تابعت تلك المعركة الإعلامية بين الدكتور عبدالله بدر والفنانة إلهام شاهين، والبداية كانت تصريحات سياسية من إلهام كثيرون يختلفون حولها، ولكن هذا حقها، الأهم أنها قد تطرقت لبعض آراء الإسلاميين فى الفن والفنانين، وقالت إنها ترفض تلك الآراء، وهنا كان ما كان من د. عبدالله، ولا نريد تكراره لعدم لياقته فى أن يصدر من داعية يتأثر بكلامه وبعمله الكثيرون، فقد أخضع الفن لمنهج غير المنهج النقدى والفنى الذى يتم به نقد الأعمال الفنية، وهذا حق فى المنهج وفى الرأى فى الفن، ولكن هذا لا يعطيه الحق فى التعميم واعتبار الفن دعارة وزنى، وأن الفنانين زناة وأثمة، معللاً ذلك بالحديث الشريف أن العين والأذن واليد تزنى، نعم هذا عندما تتوافر نية الزنى، ولكن من أدراه أن المشهد التمثيلى الخارج كان يتم بين الممثل والممثلة بنية الزنى؟ وهل الفتاوى التى عرضها فى برنامج الحقيقة لكبار العلماء المسلمين الأجلاء جاء بها نعت الفن والفنانين بالزنى أم أن تلك الفتاوى مجملها هو الدعوة والنصح والإرشاد للبعد عن مواطن الضعف والإتيام بمشاهد خليعة لا تليق، وهنا لا يختلف أحد مع هذا، ومع ذلك فبالرغم من أن الزنى حرام والقتل حرام والسرقة حرام، وهذا بنصوص لا اجتهاد معها، ولكن هناك من يقترف تلك الخطايا وكان أولهم هابيل وقابيل، والأهم أن حساب البشر حتى الذين لا يؤمنون بالله عند الله سبحانه وتعالى، فمن يحاسب ويدخل الجنة أو يمنعها هو الله فاحص القلوب، أما أن يقول إن تلك الألفاظ والتعبيرات التى أتى بها هى تعبيرات من القرآن الكريم، والأحاديث الشريفة، فهل كل العارفين، ناهيك عن العامة، يدركون أن هذه تعبيرات نصية، كما أنه يجب أن نخاطب الناس على قدر عقولهم، وعقولهم تعرف تعبيراتك التى قذفتها بمعنى آخر لا يليق ولا يقبله أحد، الفنان إنسان خصه الله وحباه بنعمة الإبداع، والفن والإبداع رسالة ولا يتصور أحد أن المشاهد الخارجة مقصودة لذاتها فهذا مرفوض ولكن هى فى السياق الذى يقدم النصيحة والإرشاد حتى لا يقع فيه المشاهد، ولكن الأهم هو فى النية فى المشاهدة وهذا يعود على المشاهد لا على العمل الفنى والفنانين، فلنساهم فى أن الدعوة والنصح والإرشاد فى قضايا خطيرة تحتوى الوطن فهذا هو من أهم أدوار الدين ورجاله وعلمائه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة