لماذا هذه الحركة الساكنة وهذا الكلام الساكت عن لجنة إعداد الدستور، بالرغم من أن ما يحدث فى هذه اللجنة هو تحصيل حاصل ونتيجة مؤكدة لما سبق من أحداث ومواقف منذ استفتاء 19 مارس 2011 على ما سمى بالتعديلات الدستورية، وقد حصل التيار الإسلامى على كل ما يريد نظراً لحضوره الجماهيرى مستغلاً العاطفة الدينية مستفيداً من غياب كل القوى السياسية عن الشارع السياسى، مما جعل هذا التيار ينسى ويتناسى ذلك التوحد المصرى الذى أسقط مبارك، كما أنه قد تفاءل عند تلك المرحلة الانتقالية والاستثنائية ما بعد يناير وبعد ما حدث من فوضى من يوم 28/11/2011 مما يجعله مستأثراً بالسلطة بطريقة لا علاقة لها بثورة كانت السبب فى كل ما هو فيه الآن، فكان ما كان وما يحدث فى لجنة إعداد الدستور بعد فرض أكثر من خمسين فى المائة من أعضاء اللجنة من ذلك التيار مع تمسكهم بالأسلوب الانتخابى الذى يعتمدون عليه بدلاً من المنهج التوافقى الذى يجب أن يكون هو المنهج والأسلوب الوحيد لإعداد أى دستور فى العالم، والغريب والمريب فى عمل تلك اللجنة هو السرية فى الوقت الواجب فيه المشاركة الشعبية المستديمة والنقاش الجماهيرى المستمر لتفعيل المشاركة فى إعداد الدستور، إضافة إلى العمل بأسلوب القطعة قطعة مع العلم أن من البديهيات الدستورية هى سيطرة الروح الواحدة على مجمل الدستور من أول باب إلى آخر كلمة فيه، فمثلاً يخرجون علينا بإضافة كلمة الشورية ويبررون ذلك بأن كلمة ديمقراطية موجودة وأن الشورى هى تأكيد للديمقراطية، ثم يعلنون أن السيادة لله ولا سيادة للشعب مبررين ذلك بالضغط على العاطفة الدينية فمن يرفض السيادة لله وهو الخالق لكل شىء؟! ثم يقترحون فى مجال آخر تغيير اسم مجلس الشعب من مجلس الشعب إلى مجلس الرأى، وهناك من قال ويقول وما المانع فهذا تغيير شكلى فلا فارق بين الشعب والرأى، ومن الطبيعى أن التعامل المفرد والمنفصل مع هذه القضايا يمكن تمريره فى الإطار التدينى الشكلى ولكن بنظرة أدق نرى أن هذا منهج متكامل غير منفصل الأركان، فالشورى تعنى إبداء الرأى غير الملزم للحاكم فله أن يأخذ به أو لا يأخذ، خاصة إذا كان هذا الرأى بعيداً عن أهل الحل والعقد، فتصبح كلمة ديمقراطية بلا معنى ولا تفعيل خاصة هناك من يعتبرها كفرا، ثم إذا كانت السيادة لله فلا سيادة للشعب، ولذا فمنهج الشورى يتكامل مع السيادة لله حتى يتم الاعتماد على الفتاوى التى تقول إنها تطبيق وتفعيل لسيادة الله على الأرض، وعلى ذلك فإذا كانت السيادة لله «ولا نعلم كيف نفعّل هذه السيادة بعيداً عن البشر» فتصبح الشورى هى الأساس ولذا يكون من الطبيعى أن مجلس الشعب لا يمثل أى سيادة للشعب ولا يعنى أى نيابة عن الشعب ويصبح مجلساً للرأى لا للشعب، حيث إنه فى ظل ذلك يصبح رأى الشعب غير ملزم لأحد ويكون مجرد رأى، فهل أدركنا المنهج الذى تسير به هذه اللجنة، ناهيك عن الإصرار على جعل المادة الثانية أحكام الشريعة وليس مبادئها، فى الوقت الذى فيه إجماع على بقاء المبادئ كما هى ولكنه المنهج المتكامل المراد تحقيقه، أما مقترح فرض الزكاة فهذا يعنى أنه لا جدوى ولا فائدة من وجود أى عبارة تتحدث عن المواطنة، لأن الزكاة لا نعلم هل ستحصل من الجميع أم من المسلمين؟ وهل ستصرف على الجميع أم لا؟ ولذا فهل هذا يعنى أى مواطنة أو أى مساواة، مع العلم أن الزكاة هى مقيدة لا نقاش فيها ولكنها لن تكون بقانون ولكن بعلاقة مع الله حتى لا تشعر الشمال من اليمين عند إخراجها، نحن مع المادة الثانية وقد دافعنا عنها، نحن مع التدين والتمسك بالدين لأنه عماد بقائنا، ولكننا فى نفس الوقت مع الدول الحديثة الديمقراطية التى تساوى بين الجميع حتى تظل مصر لكل المصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة