ردود الفعل على الفيلم المسىء للإسلام، جاءت أكبر بكثير من حجم ومستوى هذا الفيلم التافه الذى لا يحمل أى فكرة أو مضمون أو قيمة فنية، ولا يستحق حتى اسم "فيلم" فهو لا يعدو كونه فعل سب وقذف متعمد ويجرم بالقانون، وليس صحيحا ما ادعاه الأمريكان بأنه يخضع لمبدأ "حرية التعبير"، لأن هذا المبدأ ينص فى القانون الدولى على عدم المساس بحريات ومعتقدات ومشاعر الآخرين، وصمت الأمريكيين عن عدم تجريمه ومعاقبة فاعليه يثير الكثير من الشكوك حول نشره فى هذا التوقيت بالتحديد، خاصة بعد التداعيات التى تتابعت بعد عرضه ودخول قوات المارينز الأمريكية أراض ومدن عربية، ورغم استنكارنا لاغتيال السفير والدبلوماسيين الأمريكيين فى ليبيا، إلا أن موقف الأنظمة الحاكمة وأيضا أجهزة الإعلام فى الدول التى اشتعلت فيها الاحتجاجات ضد الفيلم أيضا يستحق الاستنكار، وخاصة الأنظمة الإسلامية التى جاءت للحكم بعد الثورات العربية، فرغم أن الحدث إسلامى ويمس رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام بشكل مباشر، إلا أن الأنظمة الحاكمة تعاملت معه من منطلق المصالح وبمعايير سياسية وأمنية بحتة، ولم تحترم مشاعر الشارع الإسلامى الغاضب، فذهبت تدين الاحتجاجات والتظاهرات والاعتداءات على السفارات بشكل مبالغ فيه أكثر من اللازم بهدف إرضاء واشنطن، بحيث جاءت مجاملة الأمريكيين والإدانات للاحتجاجات متجاوزة حجم الإهانة الكبيرة التى وجهها الفيلم السيء للإسلام والمسلمين، وكان على هذه الأنظمة المصنفة بأنها إسلامية، ويسيطر عليها الإخوان المسلمون، أن تتعامل مع الأمر بذكاء وحنكة سياسية أكبر، ولا ضير فى أن تتصدى أجهزة الأمن للاحتجاجات والاعتداءات على السفارات، فهذا واجبها، لكن المؤسف أن تنبرى الأنظمة الحاكمة، ومن ورائها الأجهزة الإعلامية لتقديم الاعتذارات المبالغ فيها للحكومة الأمريكية، وتتسابق فى تبرئة الأمريكان شعبا وحكومة من جريمة إهانة مشاعر المسلمين، وهذا ما سمعناه من قيادات جماعة الإخوان المسلمين فى مصر، وخاصة من نائب المرشد العام للجماعة "خيرت الشاطر" الذى انبرى للدفاع عن الأمريكان وتأكيد براءتهم، وقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية رسالة للإدارة الأمريكية أرسلها الشاطر قال فيها: "إننا لا نحمّل حكومة الولايات لمتحدة الأمريكية ولا مواطنيها مسئولية أعمال قلة تنتهك القوانين التى تحمى حرية التعبير"، وختم الشاطر رسالته قائلا: "نأمل للعلاقات التى عمل المصريون والأمريكيون على بنائها فى الشهرين الأخيرين أن تستمر برغم الاضطرابات الأخيرة، فكلا البلدين لديهما الكثير ليتعلماه من بعضهم البعض ونحن نشرع فى بناء مصر الجديدة، وقالت الصحيفة إن الشاطر أرسل سلسلة من الرسائل الإلكترونية التعاطفية تهدف إلى تهدئة المسئولين الأمريكيين.
لا ندرى عن أى علاقات يتحدث الشاطر بين مصر وواشنطن بالتحديد خلال الشهرين الماضيين، ولا ندرى بأى حق وبأى صفة يتحدث الشاطر للأمريكيين باسم مصر وشعبها، ومن الذى سمح له أن يهين مصر ويذهب يستعطف ويستجدى رضا واشنطن على حساب مشاعر المسلمين، بينما لم تتخذ الحكومة الأمريكية أى إجراء يذكر تجاه مرتكبى هذه الجريمة البشعة، وذهبت تضعها تحت بند "حرية التعبير"، وصدقنا نحن هذه الخدعة، فى حين أن الأمر يشكل جريمة فى القانون الدولى العام والإنسانى، وفى الأعراف الدولية التى تنص على "عدم تجاوز حرية التعبير حقوق ومشاعر ومعتقدات الآخرين"، وبينما صدقت الأنظمة المصنفة بالإسلامية أكذوبة حرية التعبير، وذهبت تعتذر للأمريكيين وتطيب خاطرهم، وذهبت أكثر من ذلك تكيل للمحتجين والمتظاهرين الاتهامات بالعمالة والتطرف والعمل لحساب جهات مشبوهة، شاهدنا روسيا الدولة المسيحية تتعامل بشكل أكثر جدية وموضوعية مع الأزمة، حيث أعد المدعى العام الروسى دعوى قضائية تطالب باعتبار فيلم "براءة المسلمين" عملا إرهابيا متطرفا، يسيء لمشاعر أكثر من مليار مسلم فى العالم، وهذا يكفى لتجريمه، ويطالب بمنع عرض الفيلم على كافة مواقع الإنترنت الروسية، وهددت السلطات الروسية موقع "يوتيوب" بالحجب فى روسيا إذا لم يرفع هذا الفيلم.
هذا ما فعلته روسيا المسيحية بينما سقطت أنظمة الحكم المسماة بالإسلامية التى أتت بها ثورات الربيع العربى فى أول اختبار إسلامى لها، وذلك عندما بالغت فى مجاملتها لواشنطن على حساب مشاعر شعوبها التى اختارتها فقط لأنها ادعت أنها "أنظمة إسلامية"، وكان يمكن لهذه الأنظمة أن تمتص غضب الشارع وثورته بإجراءات أكثر إيجابية وموضوعية، وأقل نفاقا ومجاملة لواشنطن.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عابر سبيل
يا خسارة بداية نهايتك يا مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
سامي
انضحك علينا
عدد الردود 0
بواسطة:
منال
مؤامرة واضحة
عدد الردود 0
بواسطة:
علماني ليبرالي مصري
الشاطر
عدد الردود 0
بواسطة:
سمير
نهايتهم قريبة
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو عمر
بالله عليك