فى وسط الاقتراحات والخطط والمناشدات والمبادرات التى تهدف إلى الرد على من أساءوا إلى نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه، أهملنا أبلغ طريقة للرد على المسيئين، فحقاً وصدقاً كل ما كاله المفترون من سموم محض افتراء وكذب، لكن ما لا ينكره عاقل أن لهذه الافتراءات صدى فى بعض كتب التراث، والتى يتلقفها أعداؤنا ويفحصونها ويدرسونها ويستخرجون منا شر ما فيها ليلقوه فى وجوهنا.
إننا اليوم أمام أمرين لا ثالث لهما، الأول أن ندفن رؤوسنا فى الرمال، وأن نتجاهل ما تم دسه فى متون التراث، فتظل المشكلة على حالها ويظل القيح كامن فى التراث أينما فتش عنه عدو وجده وألقاه فى وجوهنا، والثانى هو أن نفتح عقولنا متحلين بالصدق والإخلاص وننقب فى تراثنا عن المدسوسات ونستخرجها ونفندها، ونفصل بينها بالحق والتحقيق والنقد والتجريح، دون إسباغ قداسة على أحد، أو الحط من شأن إنسان أو فريق، وبذلك نكون قد أسدينا أعظم خدمة للإسلام، بأن أبعدنا عنه ما ليس فيه وبأن كشفنا ما ببعض كتب التراث من إسرائيليات، وخبائث فنقطع الطريق على كل ذميم.
هى دعوة جديدة قديمة، نادى بها شيوخ الأزهر وقت أن كان للأزهر دور ومكانة وشخصية ورأى، بدأها الإمام محمد عبده وعلى نهجه سار الإمام مصطفى عبدالرازق والمراغى وشلتوت، وجميعهم نادوا بتنقية كتب التراث من كل شىء لا يوافق العقل ولا يتسق مع القرآن ومسار التاريخ ولا تقبله روح الإسلام، وأول خطوات هذا الطريق هو أن ننزع القداسة عن البشر، وأن نعرف الرجال بالحق لا أن نعرف الحق بالرجال، ومن الواجب أيضا أن نفصل فصلا تاما بين دين الإسلام وشريعته، وما وضعه البشر بعد إتمام النبوة وكمال الرسالة وما سنوه من سنن تكبل أعناقنا إلى الآن، وأن نعترف بأن الإسلام شىء، وممارسات المسلمين شىء آخر، وبذلك نكون قد نزهنا الإسلام عن الخطأ وسمونا به عن الدون.
انظر إلى التاريخ لتعرف أن ما ارتكب من جرائم باسم المسيحية أضعاف ما ارتكب باسم الإسلام، وأن الدماء التى سالت باسم الإسلام لا تكاد تذكر إذا ما قورنت بالتى ارتكبت باسم الصليب، لكن لا أحد يقدر على أن يدعى أن المسيحية انتشرت بالسيف، أو أنها دين إرهاب، وذلك لأن أصحاب ديانة المسيح فصلوا فصلاً تاماً بين ما تفعله السياسة وما نزل به المسيح، أما نحن فقد قدسنا البشر وجعلنا الحكام ظل الله على الأرض، فالتصقت بالدين موبقات السياسة، والتحق به ما يلتحق بالمجرمين من سوءات.
نعم كانت أوروبا تحكم يوما باسم الصليب، وكانت الكنيسة حاكمة متحكمة، لكنها انتفضت فى آخر الأمر ونزهت دينها عن أفعال البشر، فلماذا نحرص نحن على أن ندخل على الإسلام ما ليس فيه، وأن نقدس أشخاصا ربما يكونوا قد اجتهدوا وأصابوا، وربما يكونوا قد اجتهدوا فأخطأوا؟ ولماذا نتمسك بالفرع ونترك الأصل؟ ولماذا نجعل من المتغيرات السياسية على مر العصور الإسلامية قيودا على حاضرنا وسيوفاً على إسلامنا؟ ثم نأتى بعد ذلك لنبكى على الدين المسكوب صارخين "إلا رسول الله"؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن
نصة
عدد الردود 0
بواسطة:
متولي إبراهيم صالح
أحسنت
وأنا معك
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال عبد الناصر
إيدي علي إيدك
عدد الردود 0
بواسطة:
وحيد
بعض الادب والتواضع مطلوب
عدد الردود 0
بواسطة:
وسام فؤاد
نحن لم نقدس الحكام يا أخي