أحمد بان

مصر ليست نقابة مهنية

الجمعة، 03 أغسطس 2012 12:11 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يشعر المرء باستغراب شديد إزاء أداء الرئيس محمد مرسى، حتى الآن، فالرجل الذى يتأرجح دومًا فى خياراته بين منهج إصلاحى، درجت الجماعة عليه واعتادته عبر عقود، ومنهج ثورى دفع بالجماعة لصدارة المشهد السياسى، ثم بالرئيس والجماعة معا إلى قصر الحكم، فمرة يتخذ قرارا بعودة البرلمان، ثم يتراجع تحت مطرقة الدستورية، واليد التى تمسك بها، يتعهد بتشكيل حكومة وحدة وطنية على رأسها شخصية وطنية مستقلة، فتدهشنا اختياراته ولا نفهم مغزاها حتى تسعفنا تجربة الإخوان فى إدارة مجالس النقابات المهنية بالتفسير الوافى.

فى النقابات اعتاد الإخوان ألا يرشحوا نقيبًا من بينهم، بل يحرصون على الدفع بنقيب متعاطف معهم، على أن يكون شخصية منقادة قابل للتوجيه وتنفيذ ما يطلب منه، ثم إحاطته بمجلس نقابة من الإخوان بحيث إذا نجح المجلس، نسب النجاح للجماعة ومجلسها النشط المتميز، وإذا فشلت يكون المبرر حاضر، فالنقيب يحلق عكس إرادة المجلس، ولا يمكن المجلس من ممارسة صلاحياته.

من هو هشام قنديل؟ هل هو خلية نائمة للإخوان كما يوحى مظهره بلحية خفيفة ونظرة ربما تخفى مكرا ودهاء، الرجل ربما صاحب تفوق علمى فى تخصصه، وهو أمر مقدر، ولكن حتى بمعايير التكنوقراط هل هو أفضل العناصر التى تنتمى لهذه الطبقة، أم أن مصر زاخرة بالكفاءات التى تعمل داخل وخارج مصر.
ألم يكن الترشيح المناسب لهذه المرحلة، التى تمر بها مصر، والتى تستلزم رجلا سياسيا يملك رؤية وخيالا يسعفه بخيارات متعددة أمام واقع مركب وملىء بالتعقيدات، رجل يستطيع تجسير هوة عدم الثقة بين جميع الأطراف فى مصر، وإطلاق حالة من التوافق والتناغم حول مشروع وطنى واحد، وليس بالطبع مشروع النهضة الإخوانى لصاحبه الشاطر.

إن هذا الاختيار يكشف أن الإخوان ماضون فى إدخال مصر فى مشروعهم الغائم، بديلاً عن إدماج الإخوان فى مشروع وطنى، يحظى بتوافق عام ويستطيع إشعال حماس الناس للمشاركة والتبنى وإطلاق طاقاتهم، إن تفاعل الشارع الضعيف مع مبادرة وطن نظيف التى أطلقها الرئيس مؤخرا، والتى تكشف أن الرئيس والجماعة لا تدرك أنها تدير هى مؤسسات الدولة، وهذه المبادرات مناخها كان الماضى حينما صادر النظام السابق ساحات الفعل المؤسسى فنشطت ساحات العمل الأهلى والمخرج الآن أن يعمل الاثنان معًا بشكل متواز فالعبء ثقيل، هذا التفاعل الضعيف يكشف أن الناس لا تثق بالأداء حتى الآن وتراه أقل من المتوقع، كما أن الإشارات الصادرة من مؤسسة الرئاسة سواء إزاء الجبهة الوطنية لحماية الثورة، والتى هى بالأساس حركة ضمير انطلقت فى لحظة فارقة لدفع خطر محتوم لحساب خطر محتمل والانحياز لمن ادعى أنه سينتصر للثورة، وهو حتى الآن لم ينتصر سوى للجماعة ومشروعها إن الإصرار على سلوك طريق إدارة النقابات المهنية فى إدارة مصر سيقود إلى فشل محقق، فالإخوان أدمنوا عبر الأداء النقابى رفع الشعارات والدخول فى معارك جانبية بديلاً عن الارتقاء بأبناء المهن ورعاية الأسر، وهو الهدف الأصيل للعمل النقابى تمامًا، كما يفعلون الآن إطلاق دخان كثيف من الشعارات والتشكى الدائم من الإعلام مع الحرص على إقصاء كل القوى من إدارة الدولة والاستعانة، إما بالخلايا النائمة التى وضعوها فى كل ركن فى البلاد بانتظار لحظة التمكين، وإما بأشخاص لديهم ضعف فى الشخصية والرؤية بما يسهل توجيههم لتنفيذ الخطة الصارمة الموضوعة سلفًا.

إن الشاطر الذى لم يقبل بدور للإصلاحيين داخل الجماعة وحرص على تهميشهم هل سيقبل بمن يخالفه الرأى والرؤية خارج الجماعة، إن جماعة لم تهضم التنوع داخلها غير قادرة على هضمه خارجها، فضلا عن إدارته، وقد تولت الآن المسئولية، أعتقد أن تمسك المجلس العسكرى ببعض مفاصل الدولة المصرية، يأتى على خلفية الأداء المرعب للإخوان، وعدم قبولهم لأى نمط شراكة وطنية وحرصهم على إدارة الدولة منفردين رافعين شعار المغالبة وليس المشاركة، فبطبيعة الحال الإخوان باعتبارهم تنظيما سياسيا عادياً براجماتياً، يستخدم الدين كأداة للتعبئة والحفاظ على تماسكه التنظيمى، هم يستخدمون لكل مرحلة ما يناسبها من شعارات، ففى حال التمسكن يكون الشعار مشاركة لا مغالبة، وفى حال التمكن يكون الشعار مغالبة لا مشاركة، وهكذا هذه سياستهم المنضبطة بالأخلاق والضمير، كما أنهم محترفون فى إعطاء الوعود المدهونة بالزبد يطلع عليها النهار تذوب، إن تجربة النقابات المهنية وطريقة إدارتها من قبل الإخوان، هى بالضبط المنهج الذى يريدون إدارة مصر من خلاله، وهو الذى لم يعرف الإخوان سواه ولم يتدربوا على غيره، وهذه الاختيارات البائسة تكشف أنهم ماضون فى هذا الطريق فقط الفارق أن الفشل فى إدارة نقابة ليست له ذات الكلفة، التى سيتكبدها الناس فى حال الفشل فى إدارة وطن بدت ملامحه فى خطة المائة يوم التى بالمناسبة لم تبدأ بعد.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة