من الواضح للكثيرين أن جماعة الإخوان المسلمين فى مصر تسعى للاستحواذ على السلطة بكافة مراتبها وفروعها، وهذا أمر بديهى ومتوقع، فهى فرصتهم التاريخية التى جاءتهم فى غفلة من الجميع، وها هم يحشدون كل إمكانياتهم وقواهم للاستفادة بأقصى قدر ممكن من هذه الفرصة، وأعتقد أنهم بدأوا بالفعل فى تنفيذ مخططاتهم للتغلغل فى مجالات حيوية تدعم بقائهم فى السلطة لأطول فترة ممكنة، ومن هذه المجالات، الأمن والجيش والإعلام وغيرها، ويستخدمون فى ذلك إمكانياتهم المادية وعلاقاتهم الشخصية داخل و"خارج" مصر، وهم بالقطع مستعدون لتقديم كافة التنازلات، وربما التعهدات لكافة الجهات الداخلية و"الخارجية" التى يمكن أن تساعدهم فى البقاء فى السلطة لسنوات طويلة قادمة.
ما تفعله جماعة الإخوان للاستحواذ على السلطة فى مصر أمر بديهى ومنطقى، وأى تيار سياسى فى مكانهم سيفعل مثلما يفعلون، ولكن أن يكون الهدف الأساسى والرئيسى هو الاحتفاظ بالسلطة فهذا أمر خطير للغاية، أولا لأن هذا الهدف فى حد ذاته، فى ظل الظروف التى تعيشها مصر الآن، يحتاج لجهود جبارة ونشاط فوق العادة على جميع المستويات، الأمر الذى من الصعب معه التفرغ لمباشرة مهام الحكم وحل قضايا الناس، ناهيك عن تحقيق أهداف الثورة المصرية من العدالة والتنمية والقضاء على الفساد والديمقراطية وغيرها، هذه الأهداف تحتاج لجهود كبيرة لا طاقة للإخوان ولا لأى تيار سياسى مصرى بها، ولا أحد يتوقع أن ينجح الإخوان المسلمون فى تحقيق، ولو جزء بسيط من هذه الأهداف، والبدايات لا تبشر بأى خير، بل على العكس، المشاكل تزداد وتتفاقم.
أخشى أن جماعة الإخوان فى مصر تكرر نفس أخطاء نظام مبارك فى الاستخفاف بالشعب وتغييب وتهميش القوى السياسية فى البلد، ولا تعير أى اهتمام للخبرات والكفاءات التى تحتاجها مصر فى الوقت الحاضر، وتعتمد، مثلما كان نظام مبارك يعتمد على الشللية والشعارات والبيانات المطمئنة وإيهام الشعب بأن هناك إنجازات تتحقق وأخرى قادمة فى الطريق، ولكن الأمر يختلف تماما عن ذى قبل، والشعب المصرى الآن ليس هو الشعب الذى كان فى عهد مبارك، بل شعب آخر تماما لا يعرف التنازل والسكوت على الفساد ولا على الفشل، ولن يقبل، حتى ببعض الإنجازات، بل سيطالب بالكثير، والمراهنة على عودة الشعب للغيبوبة السابقة مراهنة خاسرة تماما، والأفضل لجماعة الإخوان الآن بالتحديد أن تبتعد عن الاستحواذ على السلطة، وأن تشرك معها فى المسئولية كافة الأطياف السياسية، وذلك ليس بهدف الإنجاز بقدر ما هو بهدف توزيع المسئولية عن الفشل المتوقع، وحتى لا تتركز تجاههم وحدهم أصابع الاتهام.
مصر الآن، بعد ثورة 25 يناير، وفى ظل ظروف الربيع العربى، لا يستطيع أى تيار سياسى فيها أن يستحوذ على السلطة لأكثر من دورة سياسية واحدة، وعلى من يحلم بالبقاء لدورة أخرى أن يبتعد عن الحيل القديمة البالية، وأن يؤمن بأن العالم كله يتغير وبسرعة، وأن شعوب اليوم ليست شعوب الأمس، وأن الشعارات لم تعد تجدى، مهما كانت هذه الشعارات، دينية أو وطنية أو قومية أو غيرها، والسلطة فى الظروف الحالية لم تعد رفاهية وامتيازات، بل أصبحت عبء وتكليف بمهام صعبة لا يقدر عليها سوى الخبراء بها دون غيرهم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
lمحمود عبدالمعز
كلام متناقض
عدد الردود 0
بواسطة:
أمجد
نصائح جيدة
عدد الردود 0
بواسطة:
عبده
والله يا أستاذ بدراوى انتوا حيرتونا
عدد الردود 0
بواسطة:
عادل مصطفى
إلى رقم 3
عدد الردود 0
بواسطة:
فوزي
الله يستر على مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
ميدو
لالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالا
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد محي
!!!!
عدد الردود 0
بواسطة:
عادل البيك
الاستحواذ
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري
فوبيا أخونة الدولة شعارا لمركسة وأمركة الدوله وطمس ومحو ثقاغتها وهويتها !!!
عدد الردود 0
بواسطة:
الاخوان
حيرتونا فعلا وبجد ... الحل ... الوحيد