تعتبر الإشاعة إحدى الوسائل الهامة، التى تستخدم فى الحروب بين الدول لرفع الحالة المعنوية بين الجنود والمواطنين فى مواجهة كل طرف ضد الطرف الآخر، بينما كان يستخدمها النظام البائد، لإخفاء جرائمه وتحويل الفشل والقتل والمرض إلى إنجازات، وبعد ثورة يناير المجيدة ظن المصريون أنهم سيعيشون فى شفافية، ولم يعد هناك مكان للإشاعات وترويج الأكاذيب، ولكن المجلس العسكرى والجماعات السياسية المختلفة، حرصوا على استثمار الإشاعة، لتحقيق أهدافهم منذ قيام الثورة المصرية وحتى الآن.
فقد كانت الإشاعة السلاح الفتاك الذى استخدمه المجلس العسكرى فى مواجهة الشعب لحماية مبارك وأعوانه، فمنذ اللحظة الأولى لخلع مبارك وذهابه إلى مدينة شرم الشيخ ليستجم فيها كعادته على مدار 30 عاما، ظناً منه أن الشعب سيعفو عنه وعن الجرائم التى ارتكبها فى حق الوطن، قام المجلس العسكرى وأعوان مبارك بنشر الأخبار الكاذبة عن مرض المخلوع كمحاولة لتهدئة الرأى العام الثائر ضد مبارك وأعوانه وامتصاص غضب المواطنين، وتم إدخاله إلى مستشفى شرم الشيخ على أمل البقاء هناك بعيدا عن ضجيج القاهرة وهموم المواطنين كما كان يفعل أثناء وجوده فى السلطة.
إلا أن ضغط الشعب لم يتوقف واضطر المجلس العسكرى أن ينقله إلى القاهرة وحاول إقناع المصريين من خلال الإشاعات بأن الرجل يعانى من الأمراض حتى يستطيع أن يدخله إلى منتجع المركز الطبى العالمى بحجة المرض ليمارس حياته الطبيعية فى أجواء من الرفاهية المطلقة وكأنه ليس محبوسا على ذمة قضايا قتل الوطن والمواطنين، ولكن حضوره إلى المحكمة وهو فى كامل صحته صابغا شعره كعادته مرتديا النظارة السوداء وسط حراسته كشف الكذب والإدعاء بأنه ليس مريضا يصارع الموت كما يدعون وإنما يصارع الثورة المصرية ومستقبل الوطن.
فى كل مرة كان يضيق الخناق الشعبى على مبارك وأعوانه كانت الإشاعة السلاح الذى يستخدمه المجلس العسكرى فى مواجهة الشعب، فبعد نقله إلى سجن طرة لم يرغب مبارك أن يبقى فى السجن بالرغم من عمليات التطوير والإعداد التى تم تجهيزها خصيصا لهذا السجين، إلا أنه رفض البقاء هناك واجتهد محامى وأنصار المخلوع فى نشر الإدعاءات بأن مبارك يتعرض لأزمة صحية، مرة توقف قلبه، ومرة توقف عقله، ومرة أصيب بذبذبات أذنية وقلبية وغيرها من المحاولات والإشاعات والأكاذيب.
وبعد أن فشلت إشاعات المرض ولم تفلح فى خروج مبارك من السجن لم يجد أعوانه سوى نشر إشاعات عن وفاته سريريا، ولكن فاتهم أنه تم نشر أخبار عن وفاته قبل ذلك عدة مرات، المثير أن كل إشاعات وفاة ومرض مبارك يتم اكتشاف كذبها وفضحها، وبالرغم من ذلك يصر المجلس العسكرى على استخدام نفس السلاح لتضليل الشعب من أجل حماية المدان محمد حسنى مبارك، فى محاولة لخلق حالة من التعاطف معه باعتبار الحديث عن الموت يرقق القلوب ويمتص غضب الناس، فبعد إخراج مبارك من سجن طرة إلى المستشفى العسكرى بالمعادى صدرت الأومر بنشر الشائعات بوفاته حتى يتجنب المجلس العسكرى غضب الشارع والاعتراض على خروجه، وبعد أن هدأ الوضع واستقر به المقام فيما كان يتمناه المخلوع وأنصاره، اكتشف الجميع أن حالته الصحية مستقره وأنه بصحة جيدة وأن الإعلان عن الموت المتكرر لمبارك ليس سوى سلاح يستخدمه المجلس العسكرى وأجهزة الدولة فى حماية أنفسهم من غضب الشعب وتمرير ما يريدونه.
لقد استطاع المجلس العسكرى وأعوان النظام البائد توظيف الإشاعة لتحقيق الكثير من المآرب وجعلوا من الحالة الصحية المفتعلة والموت المتكرر لمبارك مسلسلا دراميا لإلهاء المصريين عن المستقبل عقابا لهم على ثورتهم ضد الظلم والفساد، نتمنى أن لا يأخذ مبارك الحاضر والمستقبل عبر شائعات موته المتكرر كما أخذ منهم كل طموحاتهم وأحلامهم فى الماضى بسوء أفعاله واستبداده.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة