محمد منير

كلمتين يا مصر يمكن هما آخر كلمتين

الأربعاء، 09 مايو 2012 04:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يغيب عن ذاكرتى حال فتيان وفتيات دفعهم عشقهم لمصر لأن يصحبوها سنوات ربيعهم، ويدثروها بروحهم وشبابهم ومستقبلهم، وقتما كانت صحبتها خطرا وقدرا مؤلما.

شباب تحدوا المخاطر وارتفعوا برغباتهم عن مغريات الدنيا، وتخلوا عن كل الاحتياجات، مؤمنين بأنه لا خير ولا متعة لفرد دون حرية المجموع، فنذروا حياتهم من أجل انتزاع هذه الحرية من بين أنياب وحوش قاتلة جاثمة على قلب المحروسة تنذر كل من يعشقها بالهلاك.

كان الحكم فى مصر وقت النظام السابق حكماً رخوا فاسداً، ولكن مقابل هذه الرخاوة كان شرساً فى حماية أمنه، وكانت مؤسسة حمايته من أشرس المؤسسات وأكثرها قوة وانضباطاً لقطع الأمل أمام أى شخص من خارج أتباع النظام ورجاله ومريديه أن يتناوله حتى بالنقد السلمى، فقبع ضعفاء الإيمان بحب مصر مكانهم، واحتمى الجبناء بسواتر التبريرات والنظريات الجوفاء والتقية، وبحث الانتهازيون عن ممرات يدلفون من خلالها لمعسكرات الظلم والاستغلال، وبقى على عقيدته وعشقه لمصر أشخاص وضعوا أرواحهم على أكفهم ليهزوا أركان دولة الظلم، وقت نامت فيه أعين الجبناء، وقد فعلوها.

أتذكر فى شجن مشاهد شباب ورجال ونساء حركات سياسية ومجتمعية مدنية مختلفة، وهم يُسحلون فى الشوارع ويُهانون ضربا وسجناً ويُطاردون ويُحاصرون حتى فى مستقبلهم ولقمة عيشهم، أتذكرهم وهم يتحملون التشهير والتعريض بسمعتهم وشرفهم وعقيدتهم، وأتذكرهم وهم يواجهون كل هذا بابتسامة الثقة بزوال دولة الظلم، متحصنين بفطرة الإيمان بأن الله هو الحق، وأن النصر حليفهم دون أن يجعلوا من إيمانهم بالله رداء تجارة ورياء.

وكأن هؤلاء الشرفاء يحملون قدر «سيزيف» فى حمل صخرة المشقة والعناء والجهاد، فما أن انهارت دولة الطغيان بفعل صمودهم حتى قفز الضعفاء القابعون وجبناء التبريرات وانتهازيو الممرات ليتصدروا المشهد ويتلاعبوا بمصير مصر متسترين بـتاريخ وهمى كاذب يظهرهم كمناضلين ضد النظام السابق ويداروا الحقيقة غير الخفية، وهى أن صراعهم مع النظام السابق كان صراعاً على كرسى الطغيان والعمالة للخارج وليس صراعا على حرية مصر والنهوض بها، هم مجرد مستبدين يصارعون مستبدين على السلب والنهب، والدليل على ذلك أن هؤلاء الذين يتشدقون بتاريخ نضالى ويتسترون بالدين لم يقطعوا حبال الود مع أى من القوى الخارجية التى تدعم نظام الظلم والاستبداد سواء كانوا من الغرب أم الشرق، والفرق واضح لدى أصحاب البصائر بين مناضلين ألقوا فى غياهب السجون حباً فى مصر وبحثاً عن حريتها، وطغاة ارتادوا السجون نتيجة المنافسة على السلب والاستبداد والاستلقاء الثقيل على قلب المصريين.

تحالف الجبناء أصحاب رداء التقية وأدعياء التاريخ وتدثروا برداء الدين والإيمان ومظهر المؤمنين ليرثوا حكم مصر ويغرقوها فى مزيد من الظلم والطغيان والجهل والتبعية، وبكل تبجح انتهجوا نفس نهج النظام السابق من تشهير وعزل فى مواجهة عشاق المحروسة من الذين آمنوا بحب مصر، ودفعوا مستقبلهم ثمنا لهذا الحب، واستغلوا فطرة هذا الشعب الطيب ورفعوا رماحهم على أسنة المصاحف فأغرقونا فى مشكلات أعادتنا وراء قضبان النظام السابق.. «وغزوة الصندوق» التى ندفع ثمنها الآن ليست ببعيدة.

أقول لمصر ما قاله شاعرنا الراحل صلاح عبد الصبور:
«يا امرأة وأميرة
كونى سيدة وأميرة
لا تثنى ركبتك النورانية فى استخزاء
فى حقوى رجل من طين
أيا ما كان»
أقول لها كلمتين يمكن هما آخر كلمتين: «لا تنحنى، ولا تمدى يدك لأى دعى مهما تخفى فى أردية، فأنت الغاية وأنت الوسيلة، ولا أبناء لك إلا الذين دفعوا مستقبلهم وسالت دماؤهم على أرضك عشقاً وحباً وإخلاصاً».








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة