جاءت نتائج الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة بمفاجآت غير متوقعة أهمها هبوط أبوالفتوح وموسى إلى مراكز أقل بكثير من المتوقع لهما حيث كانا ينظر إليهما كفرسى السباق، أما المفاجأة الهامة والمهمة وبحق هى صعود حمدين صباحى لهذا المركز المتقدم حتى أنه ظل ينافس على المركز الثانى مع شفيق حتى الساعات الأخيرة من الفرز، فجاء للمركز الثالث مسجلاً الفوز فى معركة أثبت فيها وجوده بمرشحيه بطريقة أكثر مما كان متوقعاً، الشىء الذى سيغير حتماً من الخريطة السياسية والحزبية فى الأيام القادمة ويجوز لنا أن نقول إن الفائز الوحيد فى هذه المعركة بعيداً عن النتيجة النهائية هو حمدين صباحى، حيث إن الانتخابات لا تقيم بنتائجها النهائية فحسب، أما المفاجأة الأهم فهى حصول شفيق على ما يقرب من 25% من الأصوات بفارق بسيط عن المركز الأول، وتصويت الأقباط له، لأن هذا يعنى أن هناك جماهير يعتد بها وقاعدة انتخابية لا يستهان بها ناصرت رموز النظام الساقط لو أضفنا نسبة الـ %11 الحاصل عليها عمرو موسى، وهذا يعود إلى حالة التشرذم التى أصابت القوى السياسية التى استهدفت مصالحها فقط دون النظر إلى تحقيق الثورة وما صاحب هذه الحالة من معارك وعراك بين كل الأطراف وحول كل القضايا.
فكانت حالة الفوضى المعاشة الآن من غياب الأمن وضياع الأمان، كل هذا وغيره جعل ما يسمى بالأغلبية الصامته التى لا تتمتع بدرجة من الوعى السياسى الذى يجعلها تأخذ موقفاً سياسياً أو تصل إلى اختيار انتخابى ترفض هذه الفوضى وتستدعى حالة الاستقرار، هذه الحالة التى تم ربطها خطأ بالنظام الساقط باعتباره نظام ما قبل الثورة ولذا فتصبح رموزه الانتخابية هم موسى وشفيق، فكان شفيق لخلفيته العسكرية والتصور بأنه هو الذى يمكن أن يأتى بالاستقرار.
أما الأقباط فلم تكن مناصرتهم لشفيق مفاجأة حيث قد أشرنا لذلك قبل الجولة الأولى لأنهم يقعون فى خانة الأغلبية الصامتة نتيجة لهجرتهم إلى الكنيسة منذ أزمان بعيدة وبعدهم عن السياسة وغيابهم عن المشاركة السياسية، مما جعلهم أسرى لآراء الكنيسة فى غير الجانب الروحى مما أغرقهم وحجمهم داخل الاختيار الطائفى.. وبعد خروجهم بعض الشىء من الكنيسة وبعد رفع يد الوصاية إلى حد ما بعد وفاة البابا شنودة ظل هذا الاختيار الطائفى وسيظل لمرحلة قادمة إلى أن يندمج الأقباط فى العمل العام والسياسى، وعلى أرضية وطنية بعيداً عن الأرضية الطائفية، وبالرغم من عدم صدور أوامر من الكنيسة تلزم بالاختيار نقول وبصراحة فهذا لم يمنع البعض من مزاولة دوره الطائفى بغرض الوصاية على الأقباط، والشىء الأهم هو تدشين الاستقطاب الطائفى الانتخابى منذ استفتاء 19 مارس العام الماضى مروراً بانتخابات مجلسى الشعب والشورى وانتهاء بانتخابات رئاسة الجمهورية، حيث هناك من هم فى مجال الاستفادة بل ويعنيهم فى المقام الأول أن يظل هذا الاستقطاب الطائفى حتى يستنفروا تابعيهم للتصويت لهم حماية للدين من الآخر، وهذا يتم على الجانبين المسلم والمسيحى، ولنا هنا أن نقول حماية للثورة وأملاً فى استمراريتها عملاً على تحقيقها على أرض الواقع، وبعيداً عن النفاق الثورى الذى أضر بالثورة وأصاب الثوار بالغرور حتى إن حصاد الثورة الأول قد تم الاستحواذ عليه لجماعة معينة، المشكلة ليست فى شفيق، ولكنها هى مشكلتنا نحن ويجب أن تتم حالة نقد ذاتى فوراً، نحن الذى تشرذم، وغاب فى عالم الإعلام، واختلق المشاكل، وجرى وراء المصالح الخاصة، وغاب عن الجماهير، ولم ينزل بالثورة وثقافتها إلى الشارع، وجرى وراء الزعامات الكاذبة، ففقد ثقة الجماهير التى لم نرعها ونرشدها إلى الاختيار الصحيح، فاختارت الآخر غير الثورى. لا حل بدون توحد وتوافق ونكران للذات وتحقيق المصلحة العامة وتحقيق الثورة، والأمل الحقيقى الآن هو الميدان لمواجهة مرسى أو شفيق أو أى مرسى أو أى شفيق لأنه قد أصبح الآن السيد هو المواطن لا رئيس الجمهورية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة