غداً ستجرى فى مصر والعالم العربى أول انتخابات لاختيار رئيس للجمهورية يمكن أن نطلق عليها أنها انتخابات حرة، بالرغم مما سيصاحبها من ممارسات مرفوضة مثل استخدام سلاح المال، واللعب على وتر الدين، واستغلال العاطفة الدينية، وخلط الدين ببعض المرشحين، وإطلاق الفتاوى التى تربط بين اختيار مرشح بذاته وبين الجنة وكأن الذى لا يختار هذا المرشح لم يعد مسلماً، ولكن ولكل ما تم من اهتمام جماهيرى غير مسبوق فى متابعة هذه الانتخابات الشىء الذى أحدث قدراً من الوعى الانتخابى لا بأس به يختلف تماماً عن ذلك الوعى الانتخابى الذى سيطر على المشهد الانتخابى عند استفتاء 19 مارس 2011 أو انتخابات مجلسى الشعب والشورى، فهذا الوعى سيكون الضوء الكاشف فى هذا الظلام والتخبط، وبداية متواضعة فى طريق الاستقرار خروجاً من حالة الفوضى المعاشة الآن، وذلك استكمالاً وحصاداً لأهم إيجابية أحدثتها ثورة يناير وهى كسر حاجز الخوف وإزاحة كثير من الخطوط الحمراء ليس ضد السلطة بكل تنويعاتها بل أيضاً ضد كل المتاجرين بالدين، والمستغلين للعاطفة الدينية، وليس معنى هذا هو حسم موقع الرئاسة للتيار الثورى، ولكنه هو خطوة مهمة ومطلوبة فى طريق ممارسات سياسية واعية متراكمة عارفة طريقها كاشفة خطواتها لمحاصرة كل المستغلين والمتاجرين بالثورة، وكسر حاجز الخوف هذا قد أحدث تغييراً نوعياً مقدراً وليس نهائياً فى العلاقة بين الكنيسة وبين الأقباط نتيجة للمتغيرات الثورية العامة والأقباط جزء من التكوين المصرى، وأيضاً نظراً لغياب الباب شنودة، فكذلك لا ولن يكون هناك قرار أو تأثير كنسى ساحق على اختيارات المواطن القبطى، كما أن الأقباط ليسوا فصيلاً سياسياً مصمتاً ولا حزباً يسمى بحزب الأقباط له أيديولوجيا فكرية أو برنامج حزبى، ولكنهم متفرقون بلا شك، ومع كل هذا فهناك ظروف موضوعية تجعلنا نتحدث عن الأقباط كأقباط، وهى هجرتهم للكنيسة وخضوعهم للرؤية السياسية الشنودية وليست الروحية، وعدم انغماسهم الواجب فى العمل السياسى لظروف مرحلة الإرهاب السياسى وغير ذلك كثير نستطيع أن نقول إنه فى الغالب الأعم لن يكون هناك تصويت مقدر من الأقباط لمرشحى التيار الإسلامى وهذا ليس غريباً، بطبيعة الواقع والتاريخ، وللأسف وباعتبار الأغلبية من الأقباط غير المسيسين، ويمكن أن يصنفوا مع الأغلبية الصامته التى تتمنى الاستقرار سيكون هناك تصويت لعمرو موسى وأحمد شفيق، ولكن هناك قطاعا كبيرا من عقلاء الأقباط والمسيسين سيصوتون للتيار الثورى وبالتحديد لحمدين صباحى باعتباره فى مكانة متقدمة فى السباق الانتخابى وأيضاً لتاريخه المشرف ولنضالاته المقدرة من أجل الجماهير والأهم لتلاقى الأقباط بمشاكلهم مع برنامج حمدين الذى يركز على العدالة الاجتماعية لأنها هى الحل السحرى لمشاكل المصريين، ومنهم بالطبع الأقباط، دون دغدغة للمشاعر الطائفية.
وأيضاً باعتبار حمدين هو الطريق الثالث الثورى بديلاً للتيار الإسلامى خوفاً من الاستحواذ مع كل تقديرى واحترامى للصديقين العزيزين د. العوا ود. أبوالفتوح، ولتيار الفلول المرفوض الذى يمكن أن يحدث ويزيد مناخ الغموض من نجاح أحد مرشحيه، هذا بالقطع ليس تحليلاً حاسما وقاطعا فى الاختيارات الانتخابية ولكنها قناعة شخصية أقتنع بها وذلك من باب ما يربطنى بحمدين كناصرى قومى عروبى وهذا بالطبع ليس منهاجا ثابتا أو دوجما سياسية، ولكنه طريقة تفكير واستلهام تجربة غيرت مصر والمنطقة لها إيجابياتها وسلبياتها ككل تجربة سياسية إنسانية حيث إن التجارب السياسية والزعامات السياسية هى حصاد الواقع السياسى المحلى والإقليمى والعالمى، مع العلم أن هذه رؤية للمرحلة الأولى من الانتخابات لأنها لن تحسم إلا فى المرحلة الثانية، وعندها سيكون هناك اختيار آخر وهو بالترتيب مرشحو الثورة ثم مرشحو التيار الإسلامى فقط بعيداً عن أى فلول، حيث إن الهم الأكبر الذى يحدد موقفنا هو تحقيق الثورة من أجل مصر وكل المصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة