التعريف الدينى والعقائدى والواقعى للكنيسة أنها جماعة المؤمنين، أى هم كل المؤمنين بالعقيدة المسيحية الأرثوذكسية ومحتواها وجوهرها: الكتاب المقدس وأقوال الرسل وقانون الكنيسة وطقوسها وعقائدها التى تختلف بها مع باقى الكنائس الأخرى، ويدخل ضمن جماعة المؤمنين بالطبع رجال الأكليروس الذين يطلق عليهم رجال الدين من رتبة شماس إلى موقع البابا ذاته، إضافة لكل أفراد الكنيسة من العلمانيين الذين هم من غير رجال الدين.. إذن فالكنيسة ليست مبنى أو شخص البابا، ولذا فالكنيسة الأرثوذكسية المصرية بهواها المصرى منذ بدايتها وحتى الآن لا تؤمن بعصمة البابا مثل بعض الكنائس الأخرى، وهذا يعنى أن آراء البابا الدينية ليست معصومة من الخطأ، ولا تصدر آراء خاصة دينية للبابا تلزم جماعة المؤمنين الذين هم الكنيسة، إلا إذا كانت هذه الآراء وتلك التعاليم صادرة من المجمع المقدس بعد مناقشتها وإقرارها والتأكد من موافقتها لصحيح العقيدة، فما بالك لو أن آراء البابا ليست فى الإطار الدينى، ولكنها تصنف فى الإطار السياسى؟ بالطبع أى آراء غير دينية للبابا أو لأى رجل دين هى غير ملزمة للمسيحى على وجه الإطلاق، إلا إذا كانت هذه الآراء ترضى وتقنع من يؤمن بها، أقول هذا الآن ونحن فى ظل سيولة سياسية ومرحلة استثنائية تكتنفها حالة خطيرة من استغلال الدين والمواقع الدينية، وسحب قداسة الدين على الأشخاص وعلى المواقع الدينية، ففى مساء 25/4/2012 أذاعت قناة c.b.c حديث البابا شنودة مع لميس الحديدى كان مسجلا يوم 22/1/2011 وكنت فى ذلك الوقت معينا بمجلس الشعب المنحل، فكان سؤال البابا: هل غضبت من تعيين جمال أسعد؟ قال البابا: نعم، جمال أسعد يهاجم الكنيسة منذ فترة طويلة، كما أنه تم تعيينه كمسيحى، وتلك الإجابة التى تمثل نوعا من الإرهاب الدينى باسم الدين وبلا مواربة مما يشجع المغالين من الأقباط الذين يضعون البابا فى موقع التقديس ليس على كراهيتى بل الاعتداء علىّ، ولا أرى فارقا بين هذا وبين من اعتدوا على نجيب محفوظ، وإذا كان قداسة البابا قد انتقل للأمجاد السماوية، ولكن الأقوال تبقى والمواقف لا تموت، ولأنى كنت ومازلت لى رأى فى عدم لعب الكنيسة دورا سياسيا، ولا أن يكون البابا ممثلا سياسيا للأقباط وهذا فى رأيى لصالح الأقباط والوطن، فإن هذا لا علاقة له بالهجوم على الكنيسة بمعناها العقائدى ولا الهجوم على البابا، فهو أبى الروحى «وكنت قد أرسلت رسالة شفهية مع الدكتور مصطفى الفقى لقداسته بهذا المعنى وكنت قد سلمت عليه فى مجلس الشعب قبل هذا الحديث بأسبوع»، كما أنى ابن للكنيسة ومازلت، وأعتز بذلك، فإذا كنت أهاجم الكنيسة فلماذا لم يتم قطعى منها؟ وهنا أقول للجميع وللتاريخ أين هى مقالاتى أو تصريحاتى أو البرامج التى هاجمت فيها الكنيسة ككتاب مقدس أو عقيدة أو طقس؟ لا ولم ولن يحدث هذا، كما أن الاختلاف فى المواقف والآراء السياسية لا يعنى الخلاف مع الكنيسة أو الهجوم عليها، وإلا نكون قاصدين خلط الدينى بالسياسى أو إعطاء عصمة للشخص حتى فى الآراء غير الدينية بما لا يتماشى مع قوانين الكنيسة، فالكنيسة لا علاقة لها بالسياسة «مملكتى ليست من هذا العالم» كما أن مشكلة تعيينى فى مجلس الشعب، فباعتبارى معارضا فى مجلس لم يكن به معارضة، وإذا كان التعيين موقفا من النظام ضد البابا، باعتبار أن النظام لم يستشر البابا كالعادة، فهذه ليست مشكلتى بل قبولى للتعيين كان يعنى كسر هذه القاعدة التى لا تقر تعيين الأقباط فى أى موقع قيادى إلا بترشيح البابا، فهذا يكرس فكرة العزلة الطائفية، ويؤكد أن الأقباط ليسوا تابعين للدولة، بما يعنى أن هذا تنازل طوعى عن حق المواطنة، فالجميع مصريون تابعون للدولة فقط وهذا غير التبعية الدينية للكنيسة.
كنت أتمنى أن يقول قداسة البابا إن جمال أسعد ابنى ولا يغضبنى تعيينه، فهو كان أبا يجب أن يحتوى أبناءه روحيا، والخلاف السياسى لا ينسحب على الإيمان والأبوة والكنيسة، نرجو للبابا القادم أن يكون أبا للجميع يرعى الأقباط روحيا فقط ويكون وطنيا متسقا مع تاريخ الكنيسة الوطنى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة